موسى عليه السلام نبي كريم من أولي العزم، عاش الأنبياء كل منهم مع أمته حتى انتهت العملية بإهلاك الأمم ونجاة الأنبياء وأتباعهم، موسى عليه السلام عاش مع أمتين، وعاش تاريخين: مع فرعون ومجاهدته، ومقارعته والصمود أمامه، وهذه المواجهة الضخمة الكبيرة، ثم لما انتهت بغرق فرعون بدأ موسى حياة أيضاً ثانية، ومجهوداً آخر، ويبني أمة من البداية، ومع بني إسرائيل لكي يواجه التواءاتهم ومعاصيهم وتمردهم، وهكذا مرة أخرى إلى أن قبضه الله.
من قبل النبوة عنده آثار من النبوات في السابقة، فهو من بني إسرائيل، ويوسف من أنبيائهم من قبل، وكذلك يعقوب عليه السلام، فموسى عنده علم من الدين الذي كان موجوداً قبله؛ ولذلك لما قتل القبطي، ونفساً لم يؤمر بقتلها قال: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ سورة القصص:15
، فماذا فعل؟ قال: رب اغفر لي؛ فَغَفَرَ لَهُ سورة القصص:16
، قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ سورة القصص:17
؛ لأنك آتيتني نعمة لن أستعملها في معصيتك، فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ سورة القصص:17
؛ لأن بعض الناس عندما يؤتيه الله أموالاً وإعلاماً يكون نصيراً للمجرمين وللطواغيت في الأرض، ويسخر ما آتاه الله من الإمكانات في إضلال البشر، ونشر الرذيلة والفحشاء، ودعايات الأعداء، وتقديس الأعداء، وتضخيم آلة الأعداء، والطعن في المؤمنين، وتشويه سيرة الدعاة العاملين، يستخدم إمكاناته، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ سورة القصص:17.
لما خرج طريداً خائفاً من المدينة؛ لأن القوم قرروا قتله: يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ سورة القصص:20
دعاؤه على حسب الحدث والحال: رَبِّالمهم اللجوء إلى الله في كل أزمة، في كل حال، في كل حين، بحسب المناسب، واختيار الألفاظ المناسبة: رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة القصص:21،
ما يعرف الطريق إلى مدين: عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ سورة القصص:22
جلس في ظل شجرة جائعاً منهكاً: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌسورة القصص:24
محتاج إلى خيرك أيضاً، كل موضع دعاء، كل مرة ما يناسب: فَاغْفِرْ لِيسورة القصص:16،
رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ سورة القصص:17،
رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة القصص:21،
عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ سورة القصص:22،
إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير ٌسورة القصص:24.
لما كلف موسى بالرسالة وتلك الأعباء العظيمة الهائلة التي تنوء بها الجبال لكن تتحملها قلوب المؤمنين، الجبال لو نزل عليها القرآن لتصدعت لكن قلب المؤمن يمكن أن يتحمل، ويلين، ويخبت لكلام ربه.
لما كلف موسى:اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى سورة طـه:24
بماذا يستعان على المهمات الصعبة؟ وماذا يقول موسى في هذا الحال، وعندما تعسر الأمور وتكون القضية في غاية الصعوبة، وإلى قوم عتاة جبابرة متكبرين متغطرسين طغاة؟ موسى وحده إلى فرعون بأمته وجنوده وهيلمانه! ماذا سيقول موسى عليه السلام؟ ذلك ما سنعرفه إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق