"ص : 140
معرفة ذينك الأمرين وأحد الأمرين هو الغيب الإلهي الذاتي. و « 1 » لا خلاف في استحالة معرفة ذاته سبحانه من حيث حقيقتها لا باعتبار اسم أو حكم أو نسبة أو مرتبة.
فتعذّرت هذه المعرفة المشار إليها من هذا الوجه ، وقد سبق في ذلك ما يغني عن التكرار والإعادة. والتحقيق الأتمّ أفاد أنّه متى شمّ « 2 » أحد من معرفتها رائحة ، فذلك بعد فناء رسمه وانمحاء « 3 » حكمه ونعته واسمه واستهلاكه تحت سطوات أنوار الحقّ وسبحات وجهه الكريم ، كما سبقت الإشارة إليه في شرح حال السالك على السبيل الأقوم ، إلى المقام الأقدم.
فيكون حينئذ العالم والمتعلّم والعلم في حضرة وحدانيّة رفعت الاشتباه والأشباه ، « 4 » وحقّقت وأفادت معرفة سرّ قول : « لا إله إلّا اللّه » مع انفراده سبحانه في غيب ذاته من حيث حجاب عزّته عن درك البصائر والأبصار ، وعن إحاطة العقول والأفكار ، وعن قيد الجهاد والاعتبارات والأقطار ، فسبحانه لا إله إلّا هو العزيز الغفّار ، كما قلنا ولما بيّنّا ونبّهنا على ما به أخبر وإليه أشار
قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
يتضمّن مسائل أربع : أولاها :
سرّ الحمد ، ثم سرّ الاسم « اللّه » ثمّ سرّ الاسم « الربّ » ، ثم « العالمين » .
مقدّمة
ولا بدّ قبل الشروع في هذا الكلام من تقديم أصل وجيز يكون مذكّرا ببعض ما سلف ذكره في القواعد ممّا يتعلّق بهذا الأمر المتكلّم فيه ، وعونا على فهم ما يذكر من بعد.
ولهذا المعنى ونحوه قدّمت تلك القواعد الكلّيّة ، وضمّنتها من كلّيّات العلوم والحقائق ما يستعين به « 5 » اللبيب على معرفة ما يأتي بعدها من التفاصيل ، ولأكتفي في المواضع الغامضة - التي لا يتمّ إيضاحها إلّا بمعرفة أصلها - بالتنبيه على ما سلف من كلّيّات الأمور المعرّفة بسرّ ذلك الأصل وحكمه ، فلا أحتاج إلى الإعادة والتكرار ، فممّا « 6 » سلف - ممّا يحتاج إلى استحضاره في هذا الموضع هو : أنّ كلّ موجود كائنا ما كان فله ذات ومرتبة ،
__________
(1). ق : لم يرد.
(2). ق : يشمّ.
(3). ق : امتحاء.
(4). ق : الأشباه والاشتباه.
(5). ق : بها.
(6). ق : ممّا.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
140 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق