"ص : 149
عليه وتوحّد معناه دون مشاركة في المفهوم منه وحيث لم نجد ذلك مع مسّ الحاجة إليه والاسترواح الحاصل من مفهوم الدعاء النبوي دلّ على عدم ظهور هذا الاسم من الحقّ ، فهو إمّا أمر متعذّر في نفسه ، أو هو ممّا استأثر به الحقّ في علم غيبه ، كما أخبر صلّى اللّه عليه وآله.
ولو أمكن حصوله لأحد من الخلق لحصل لنبيّنا صلّى اللّه عليه وآله فإنّه أكرم الخلق على اللّه ، وأتمّهم استعدادا في قبول فيضه والتلقّي منه ، ولهذا منح علم الأوّلين والآخرين ، فلو حصل له هذا الاسم - مع ما تقرّر أنّ مثل هذا يكون أجلّ الأسماء وأشرفها وأكملها لكمال مطابقة الذات واختصاصه بكمال الدلالة عليها ، دون تضمّنه معنى آخر يوهم اشتراكا ، أو يفهم تعدّدا أو كثرة أو غير ذلك - لم يحتج
أن يقول صلّى اللّه عليه وآله في دعائه : « أو علّمته أحدا من عبادك ، أو استأثرت به في علم غيبك »
فإنّ من ظفر بأجلّ ما يتوسّل به إلى الحقّ ويرغب به إليه ، استغنى عن التوسّل بغيره ، سيّما على سبيل الإجمال والإبهام ، لعلوّ هذا الاسم على ما سواه من الأسماء فلمّا استعمل صلّى اللّه عليه وآله في دعائه التقاسيم المذكورة عملا بالأحوط ، وأخذا بالأولى والأحقّ ، « 1 » علم أنّه لم يكن متعيّنا عنده.
فإن قيل : قد رأينا من عباد اللّه - وسمعنا أيضا عن جماعة - أنّهم عرفوا اسما ، أو أسماء للحقّ ، فتصرّفوا بها في كثير من الأمور ، وكانوا يدعون الحقّ بذلك فيما يعنى لهم ، فلم تتأخّر إجابته إيّاهم فيما سألوا ، وهذا مستفيض وصحيح عند المحقّقين من أهل اللّه ، ومن هذا القبيل مسألة بلعام في دعوته على موسى عليه السّلام وقومه بالاسم ، حتى ماتوا في التّيه بعد أن بقوا فيه حيارى ما شاء اللّه من السنين ، وقد ذكر ذلك جماعة من المفسّرين في « 2 » معنى قوله تعالى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا « 3 » هذا ، مع أنّ بلعام من الغاوين كما أخبر اللّه.
ومع ذلك نفذت دعوته في موسى عليه السّلام وقومه لخاصية الاسم.
فنقول في جواب ذلك : نحن لم نمنع أن يكون للحقّ اسم أو أسماء يتصرّف بها في الوجود من مكّنه الحقّ منها وعرّفه بشي ء منها ، بل نتحقّق ذلك ونتيقّنه ، وإنّما منعنا عموم نفوذ حكم
__________
(1). ق : إلّا خلق.
(2). ق : من.
(3). الأعراف (7) الآية 175.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
149 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق