وروي عن مجاهد أنها كانت تمشي بالنميمة.
فهذه الأسباب مجتمعة تفيد أن السورة نزلت لمقابلة أبي لهب بما يستحق من إنذاره بالهلاك والقطيعة وأن ماله لا ينفعه ولا كسبه وأنه خاسر هو وامرأته وأن مصيرهما إلى النار وبئس القرار.
ولا ريب أن في هذا الوعيد العنيف ردعا له ولأمثاله وتسلية لمن أصيب بأذاهم من الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وذلك هو اللائق بالعدالة الإلهية والتربية الحكيمة الربانية.
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى
وأما سورة والعصر فليس فيها سباب ولا ما يشبه السباب. وكل ما عرضت له
أنها جعلت الناس قسمين: قسما غريقا في الخسران وقسما فاز ونجا من هذا الخسران وهم الذين جمعوا عناصر السعادة الأربعة. اقرأ قوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} فهل ترى فيها ظلا للسباب والإقذاع؟ ولكن القوم لا يستحون.
وأما سورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} : فمبلغ ما تشير إليه أن المخاطبين شغلتهم الدنيا عن الدين وألهتهم الأموال عن رب الأموال حتى انتهت أعمارهم وهم على هذه الحال. وغدا يسألون عن هذا النعيم ويعاقبون على إهمال شكره بعذاب الجحيم.
وأما قوله سبحانه: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} فهي حكاية لما حل بالأمم السابقة كثمود وعاد حين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ليكون من هذا القصص والخبر عبرة لأولئك الكفار ومزدجر فلا يقعوا فميا وقع فهي أسلافهم لأن سنة الله واحدة في الأمم وميزان عدالته قائم في كل جيل وقبيل. {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} .
الخلاصة
والخلاصة أن القرآن كله قام على رعاية حال المخاطبين فتارة يشتد وتارة يلين تبعا لما يقتضيه حالهم سواء منهم مكيهم ومدنيهم بدليل أنك تجد بين ثنايا السور المكية والمدنية ما هو وعد ووعيد وتسامح وتشديد وأخذ ورد وجذب وشد كما سبق لك في الأمثلة والشواهد الكثيرة. وإذا لوحظ أن أهل مكة كثر خطابهم بالشدة والعنف فذلك لما مردوا عليه من أذى الرسول وأصحابه والكيد لهم حتى أخرجوهم من أوطانهم. ولم يكتفوا بذلك بل أرسلوا إليهم الأذى في مهاجرهم.@
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
174 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة
التصنيف:
# مناهل العرفان في علوم القرآن
عن Tech News
مناهل العرفان في علوم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق