"ص : 18
ومع التمكّن ممّا ذكرته ، وكون الأمر كما بيّنته فإنّي لا أتعرّض لتقرير ما يرد ذكره في هذه القواعد وما بعدها بالحجج الشرعيّة والأدلّة النظريّة والذوقيّة ، تعرّض من يلتزم ذلك في كلامه.
لكن إن قدّر الحقّ تقرير أمر في أثناء الكلام ، ذكرت ذلك تأنيسا للمحجوبين ، وتسكينا للضعفاء المتردّدين ، وتذكرة للمشاركين ، لكن « 1 » أقدّم في أوّل التمهيد فصلا أنبّه فيه على مرتبة العقل النظري ، وأهل الطلب الفكري ، وما ينتهي الفكر بصاحبه ليعلم قلّة جدواه وسرّه ، وثمرته وغايته ، فيتحقّق من يقف على هذا الكتاب وغيره من كلام أهل الطريق « 2 » أنّه لو كان في الأدلّة الفكريّة والتقريرات الجدليّة غناء أو شفاء ، لم يعرض عنها الأنبياء والمرسلون - صلوات اللّه عليهم - ولأورثتهم من الأولياء القائمون بحجج الحقّ ، والحاملون لها - رضي اللّه عنهم - .
هذا مع أنّ ثمّة موانع أخر غير ما ذكرت ، منعتني عن « 3 » سلوك ما إليه في كلامي أشرت :
منها : أنّي لم أوثر أن أسلك في الكلام المتعلّق بتفسير كتاب اللّه مسلك أهل الجدل والفكر « 4 » ، لا سيّما وقد ورد حديث نبوي يتضمّن التحذير من مثل هذا وهو
قوله صلّى اللّه عليه وآله : « ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلّا أوتوا الجدل »
« 5 » وتلاوته بعد ذلك : ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا « 6 » الآية.
ومنها : طلبي للإيجاز.
ومنها : أنّ قبلة مخاطبتي هذه بالقصد الأوّل هم المحقّقون من أهل اللّه وخاصّته ، والمحبّون لهم ، والمؤمنون بهم وبأحوالهم من أهل القلوب المنوّرة الصافية ، والفطرة « 7 » السليمة ، والعقول الواقدة الوافية ، الذين يدعون ربّهم بالغدوة والعشىّ يريدون وجهه « 8 » ويستمعون القول فيتّبعون أحسنه « 9 » بصفاء طويّة ، وحسن إصغاء بعد تطهير « 10 » محلّهم من صفتي الجدل والنزاع ونحوهما ، متعرّضين لنفحات جود الحقّ ، مراقبين له ، منتظرين ما يبرز
__________
(1). ق : لكنّي.
(2). ق : الطريق اللّه.
(3). ق : من.
(4). ق : الفكر والجدل.
(5). جامع المسانيد ، ج 13 ، ص 217.
(6). الزخرف (42) الآية 58.
(7). ق : الفطر.
(8). إشارة إلى الآية 52 من الأنعام (6).
(9). إشارة إلى الآية 18 من الزمر (39).
(10). ق : تطهر.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
18 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق