إلا الله إلزام لهم بطرح الشرك وتوحيد الخالق. وهذا مطمح نبيل أجاد القرآن في أساليب عرض نعم الله عليهم من أجله وكان في إجادته هذه موفيا على الغاية وأصلا إلى قمة الإعجاب كعادته متفننا في ذكر النعم منوعا في سردها وبيانها
فمرة يحدث عن خلق السماء ومرة عن خلق الأرض وثالثة عن أنفسهم ورابعة عن أنواع الحيوان والنبات والجماد وهلم جرا. وتارة يختار القرآن في عرضه طريقة السرد والشرح،
وتارة يختار طريقة الحلف والقسم لأن في الحلف والقسم معنى العظمة التي أودعها الله في هذه النعم دالة على توحيده وعظمته حتى صح أن يدور القسم عليها وأن يجيء الحلف بها.
ومن هنا أقسم الله بما أقسم من الأمور الحسية والمعنوية فالأمور الحسية كما ذكرنا والمعنوية مثل القرآن الكريم في قوله سبحانه: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} لينبههم إلى مدى إنعامه عليهم بتلك الأقسام كلها حسيها ومعنويها فيرعووا عن شركهم بتلك الآلهة المزيفة التي لا تملك ضرا ولا نفعا وليس لها أي شأن في هذا الخلق. على حد قوله سبحانه في سورة الأحقاف: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} .
وأنت خبير بأن المصاب بداء الشرك لا سبيل إلى إنقاذه منه إلا بمثل هذه الطريقة المثلى التي سلكها القرآن بعرض دلائل التوحيد من آيات الله في الآفاق على أنظار المشركين وهذا سبيل متعين في خطاب كل مشرك ولو كان واحد الفلاسفة ووحيد العباقرة وأستاذ المثقفين والمستنيرين. فحلف القرآن بأمثال هاتيك المخلوقات والحسيات ليس دالا على سذاجة المخاطبين وانحطاطهم وليس بالتالي سبيلا إلى الطعن في القرآن بأنه كلام محمد المتأثر بانحطاط البيئة المكية كما يرجفون: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} .
ثالثا: أن في مضامين تلك الأقسام بالحسيات أسرارا تنأى بها عن السذاجة والبساطة وتشهد ببراعة المخاطبين بها وتفوقهم في الفهم والذكاء والفصاحة و البيان.
ذلك أن القسم بها كما قلنا إشارة إلى الأسرار العظيمة التي وضعها الله في تلك الأمور التي أقسم بها. حتى صح أن يكون مقسما بها. وتلك الأسرار لا يدركها إلا اللبيب لأنها غير مشروحة ولا مفسرة في القرآن الكريم فلا يفهمها إلا من كمل عقله وسلم ذوقه. ولنشرح لك بعض الأسرار ليتبين الحال ولا يبق للشبهة مجال.
المثال الأول: أقسم الله سبحانه بالضحى والليل في قوله: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ@
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
183 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة
التصنيف:
# مناهل العرفان في علوم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
مشاركات أحدث
184 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة
مشاركات أقدم
182 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق