"ص : 185
فمظهر « 1 » ذلك الأمر في كلّ وقت وحال لا يكون إلّا واحدا إذ بالوحدة الإلهيّة يحصل النظام ، ويدوم حكمه في الموجودات جميعها وإليه الإشارة بقوله عزّ وجلّ : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا « 2 » وهذا من البيّن عند المحقّقين.
وإلى هذا الأصل يستند القائلون بالطوالع في أحكام المواليد وغيرها ، فيجعلون الحكم مضافا إلى أوّل ظاهر من الأفق حين الولادة والشروع في الأمر والانتهاء إليه ، وما سوى الأوّل الذي له السلطنة حينئذ فتبع له ، ومنصبغ بحكمه ، فافهم.
وقد عرفت أنّ الحقّ هو الأوّل والظاهر ، وقد نبّهت في هذا الكتاب على كثير من أسرار الأوّليّة في غير موضع « 3 » منه ، فتذكّر ترشد - إن شاء اللّه تعالى - ثم نقول : فتعيين الأوقات والأيّام والشهور والأعوام والأدوار العظام ، كلّها تابعة لأحكام الأسماء والحقائق المذكورة ، والعرش والكرسي والأفلاك والكواكب مظاهر الحقائق والأسماء الحاكمة المشار إليها ومعيّنات لأحكامها فبالأدوار تظهر أحكامها الكلّيّة الشاملة المحيطة ، وبالآنات تظهر أحكامها الذاتيّة من حيث دلالتها على المسمّى وعدم مغايرتها له ، كما بيّنّا ذلك من قبل ، وما بين هاتين المرتبتين من الأيّام والساعات والشهور والسنين فيتعيّن باعتبار ما يحصل بين هذين الأصلين من الأحكام المتداخلة ، وما يتعيّن بينهما من النسب والرقائق ، كالأمر في الوحدة التي هي نعت الوجود البحت ، والكثرة التي هي من لوازم الإمكان ، والموجودات الظاهرة بينهما والناتجة عنهما ، فافهم.
وانظر اندراج جميع « 4 » الصور الفلكيّة وغيرها في العرش مع أنّه أسرعها حركة ، وكيف يتقدّر بحركته الأيّام؟! وارق منه إلى الاسم « الدهر » من حيث دلالته على الذات وعدم المغايرة كما بيّنّا ، واعتبر الآن الذي هو الزمن الفرد غير المنقسم ، فإنّه الوجود الحقيقي وما عداه فأمر معدوم سواء فرض ماضيا أو مستقبلا ، فللوجود الآن ، وللدور حكم الكثرة والإمكان ، ولمعقوليّة الحركة التعلّق الذي بين الوجود الحقّ وبين الأعيان ، فبين الآن والدوران المدرك مظهره في العيان ، وبين الوجود والإمكان المدرك بالكشف والمعقول في
__________
(1). ق : فظهر.
(2). الأنبياء (21) الآية 22.
(3). في الأصل : غير ما موضع.
(4). ق : جمع.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
185 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق