"ص : 188
ما ذكرنا لما سبق التنبيه عليه في سرّ القرآن ، وأنّ له ظهرا وبطنا وحدّا ومطلعا ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن وإلى سبعين.
وإذا تقرّر هذا ، فلتعلم أنّ للفظة « الدّين » في اللسان عدّة معان ، منها الجزاء ، والعادة ، والطاعة ، والشأن ، و « دانه » في اللغة : أذلّه واستعبده وساسه وملكه. والديّان : المالك ، والدين : الإسلام أيضا ، فهذه المعاني كلّها تتضمّنها لفظة « الدّين » وهي بأسرها مقصودة للحقّ ، لكمال كلامه وإطلاقه وحيطته ، وتنزّهه عن التقيّد بمفهوم خاصّ ، أو معنى معيّن ، كما مرّ بيانه.
وأنا أومئ - إن شاء اللّه - إلى ما ييسّر الحقّ ذكره من معاني هذه الكلمات « 1 » بإشارات وجيزة كما فعلت ذلك فيما مرّ ، ثمّ أبيّن معاقد أحكام هذه الآية من حيث الترتيب ، وسرّ انتهاء القسم الأوّل من أقسام الفاتحة بانتهاء هذه الآية ، ثم أنتقل إلى الآية الأخرى المشتملة على القسم الثاني - إن شاء اللّه تعالى - فلنبدأ أوّلا بشرح الجزاء الذي هو المفهوم الأوّل القريب من هذه الكلمة في هذا الموضع ، مع أنّي أدرج فيه نكتا شريفة تنبّه على جمل من أسرار أحوال الآخرة وغيرها ، فمن أمعن النظر فيما نذكره بنور الفطرة الإلهيّة ، استشرف على أمور جليلة ، عظيمة الجدوى ، واللّه الهادي.
اعلم ، أنّ الحقّ سبحانه ربط العوالم والموجودات - جليلها وحقيرها ، كبيرها وصغيرها - بعضها بالبعض ، « 2 » وأوقف ظهور بعضها على البعض ، وجعل بعضها مرائي ومظاهر للبعض ، فالعالم السفلي بما فيه مرآة للعالم العلوي مظهر لآثاره ، وكذلك العالم العلوي أيضا مرآة تتعيّن وتنطبع فيه أرواح أفعال العالم السفلي تارة ، وصورها تارة ، والمجموع تارة أخرى ، وعالم المثال الكلّي من حيث تقيّده في بعض المراتب ، ومن حيث عموم حكمه وإطلاقه أيضا مرآة لكلّ فعل وموجود ومرتبة ، وانفرد الحقّ سبحانه بإظهار كلّ شي ء على حدّ علمه به ، لا غير ، وجعل ذلك الإظهار تابعا لأحكام النكاحات الخمسة ، التابعة للحضرات الخمس ، وقد سبق التنبيه على كلّ ذلك ، فظهور الموجودات - على اختلاف أنواعها وأشخاصها - متوقّف على سرّ الجمع النكاحي ، على اختلاف مراتبه المذكورة ، وأحكامها
__________
(1). ق : الكلمة.
(2). ق : على البعض. [.....]
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
188 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق