كان كل صحابي في إقليم يقرئهم بما يعرف فقط من الحروف التي نزل عليها القرآن. ولم يكن بين أيديهم مصحف جامع يرجعون إليه فيما شجر بينهم من هذا الخلاف والشقاق البعيد.
لهذه الأسباب والأحداث رأى عثمان بثاقب رأيه وصادق نظره أن يتدارك الخرق قبل أن يتسع على الراقع وأن يستأصل الداء قبل أن يعز الدواء فجمع أعلام
الصحابة وذوي البصر منهم وأجال الرأي بينه وبينهم في علاج هذه الفتنة ووضع حد لذلك الاختلاف وحسم مادة هذا النزاع. فأجمعوا أمرهم على استنساخ مصاحف يرسل منها إلى الأمصار وأن يؤمر الناس بإحراق كل ما عداها وألا يعتمدوا سواها. وبذلك يرأب الصدع ويجبر الكسر وتعتبر تلك المصاحف العثمانية الرسمية نورهم الهادي في ظلام هذا الإختلاف ومصباحهم الكشاف في ليل تلك الفتنة وحكمهم العدل في ذاك النزاع والمراء وشفاءهم الناجع من مصيبة ذلك الداء.
تنفيذ عثمان لقرار الجمع:
وشرع عثمان في تنفيذ هذا القرار الحكيم حول أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين من الهجرة فعهد في نسخ المصاحف إلى أربعة من خيرة الصحابة وثقات الحفاظ وهم زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وهؤلاء الثلاثة الأخيرون من قريش.
وأرسل عثمان إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر فبعثت إليه بالصحف التي عندها وهي الصحف التي جمع القرآن فيها على عهد أبي بكر رضي الله عنه. وأخذت لجنة الأربعة هؤلاء في نسخها وجاء في بعض الروايات أن الذين ندبوا لنسخ المصاحف كانوا اثني عشر رجلا. وما كانوا يكتبون شيئا إلا بعد أن يعرض على الصحابة ويقروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ على هذا النحو الذي نجده الآن في المصاحف.
دستور عثمان في كتابة المصاحف:
ومما تواضع عليه هؤلاء الصحابة أنهم كانوا لا يكتبون في هذه المصاحف إلا ما تحققوا أنه قرآن وعلموا أنه قد استقر في العرضة الأخيرة وما أيقنوا صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم ينسخ. وتركوا ما سوى ذلك نحو قراءة فامضوا إلى ذكر الله بدل كلمة {فَاسَعَوْا} ونحو {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً}
بزيادة كلمة صالحة إلى غير ذلك. وإنما كتبوا مصاحف متعددة لأن عثمان رضي الله عنه قصد إرسال ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين وهي الأخرى متعددة وكتبوها متفاوتة في إثبات وحذف وبدل وغيرها لأنه رضي الله عنه قصد اشتمالها على الأحرف السبعة. وجعلوها خالية من النقط والشكل تحقيقا لهذا الاحتمال أيضا. فكانت بعض الكلمات يقرأ رسمها بأكثر من وجه عند تجردها من النقط والشكل نحو {فَتَبَيَّنُوا} من قوله تعالى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فإنها@
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
211 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة
التصنيف:
# مناهل العرفان في علوم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق