"ص : 212
الأذهان لا غير ، كالنبوّة والرسالة والدين والتقى والإيمان ونحو ذلك فإنّ نسبة « 1 » السرّ إلى « 2 » هذه الأمور ليست على نحو نسبته إلى الأمور المتحقّقة الوجود في الأعيان ، فإذا قيل : ما سرّ النبوّة؟ وما سرّ الشريعة؟ وما سرّ الدين؟ فالمراد بالسرّ هنا عند المحقّقين هو أصل الشي ء المسئوول عنه ، أو ما خفي من أمره الذي من عرفه علّة ذلك الشي ء وخاصّيّته ، وأصل منشئه وسبب حكمه وظهوره ، ولوازمه البيّنة والخفيّة.
وللدين سرّ يعرفه من يعرف حقيقة الجزاء وأحكامه ، وللجزاء سرّ أيضا تتوقّف معرفته على معرفة الأفعال التي يترتّب عليها الجزاء ، وللأفعال أيضا - من حيث ما يجازى عليها من نسبت إليه وظهرت منه - سرّ تتوقّف معرفته على معرفة التكليف ، فإنّه ما لم يكن تكليف لم يتقرّر أمر ونهي يوجبان تركا أو فعلا ، ومتى لم يتقرّر الأفعال المشروعة المتفرّعة عن الأوامر والنواهي ، لا يتعقّل الجزاء المجعول في مقابلة الأفعال التي هي متعلّقات الأوامر والنواهي ، فالتكليف إذا أصل هذه الأمور المذكورة ، وله أيضا سرّ وحكمة ، سنشير إليه - إن شاء اللّه تعالى - فإنّه قد ذكرنا من سرّ الأفعال والمجازاة وما يختصّ بهما ما قدّر الحقّ ذكره ، ونبّهنا على كثير من الأفعال من الأسرار الإلهيّة ، المتعلّقة بهذا الباب ، وما إذا تأمّله اللبيب وفهمه « 3 » ثم استحضره ، لم يعزب عنه شي ء من كلّيّات أسرار الدين وأحكامه ولوازمه الأصليّة.
وقد شاء اللّه أن أختم الكلام على هذه اللفظة من هذه الآية بذكر ما تبقى من أمّهات أسرار الدين ، وأنبّه على أصل التكليف وسرّه وحكمته المعرّفة بمرتبته وثمرته وجلّ جدواه وفاء بما التزمته في أوّل الكتاب من التنبيه على أصول ما يقع الكلام « 4 » عليه في هذا التفسير ، ممّا تتضمّنه الفاتحة ، فأقول :
أصل التكليف وحكمته
كلّ نسبة تعقل بين أمرين ، فإنّ تحقّقها وثبوتها يتوقّف على ذينك الأمرين لا محالة ،
__________
(1). ه : نسبته.
(2). في بعض النسخ : على.
(3). ق : فهم.
(4). ق : في الكلام.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
212 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق