218 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة - الذاكرين الله

Post Top Ad

Post Top Ad

الأربعاء، 17 فبراير 2021

218 مناهل العرفان في علوم القرآن الصفحة

وليس في ذلك الخبر الذي ذكروه رائحة أن هذه الآيات لم تكن بالمحفوظات التي كتبها كتاب الوحي وليس فيه ما يدل على أن أصحاب الرسول كانوا قد نسوها جميعا حتى يخاف عليها وعلى أمثالها الضياع ويخشى عليها السقوط عند الجمع واستنساخ المصحف الإمام,
كما يفتري أولئك الخراصون. بل الرواية نفسها تثبت صراحة أن في الصحابة من كان يقرؤها وسمعها الرسول منه.
ثم إن دستور جمع القرآن وقد مر آنفا يؤيد أنهم لم يكتبوا في المصحف إلا ما تظاهر الحفظ والكتابة والإجماع على قرآنيته: ومنه هذه الآيات التي يدور عليها الكلام هنا من غير ما شك.
ولا يفوتنك في هذا المقام أمران: أحدهما: أن كلمة أسقطتهن في بعض روايات هذا الحديث معناها أسقطتهن نسيانا كما تدل على ذلك كلمة أنسيتهن في الرواية الأخرى. ومحال أن يراد بها الإسقاط عمدا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينبغي له ولا يعقل منه أن يبدل شيئا في القرآن بزيادة أو نقص من تلقاء نفسه وإلا كان خائنا أعظم الخيانة. والخائن لا يمكن أن يكون رسولا.
هذا هو حكم العقل المجرد من الهوى وهو أيضا حكم النقل في كتاب الله إذ يقول سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وإذ يقول جل ذكره: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} .
الأمر الثاني: أن روايات هذا الخبر لا تفيد أن هذه الآيات التي سمعها الرسول من عباد بن بشار قد امحت من ذهنه الشريف جملة غاية ما تفيده أنها كانت غائبة عنه ثم ذكرها وحضرت في ذهنه بقراءة عباد. وغيبة الشيء عن الذهن أو غفلة الذهن عن الشيء غير محوه منه. بدليل أن الحافظ منا لأي نص من النصوص يغيب عنه هذا النص إذا اشتغل ذهنه بغيره وهو يوقن في ذلك الوقت بأنه مخزون في حافظته بحيث إذا دعا إليه داع استعرضه واستحضره ثم قرأه. أما النسيان التام المرادف لامحاء الشيء من الحافظة فإن الدليل قام على استحالته على النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخل بوظيفة الرسالة والتبليغ. وإذا عرض له نسيان فإنه سحابة صيف لا تجيء إلا لتزول. ولا ريب أن نسيان الرسول هنا كان بعد
أن أدى وظيفته وبلغ الناس وحفظوا عنه. فهو نسيان لم يخل بالرسالة والتبليغ. قال البدر العيني في باب نسيان القرآن من شرحه لصحيح البخاري ما نصه:
وقال الجمهور: جاز النسيان عليه أي على النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس طريقه البلاغ والتعليم بشرط ألا يقر عليه بل لا بد أن يذكره. وأما غيره فلا يجوز قبل التبليغ وأما نسيان ما بلغه كما في هذا الحديث فهو جائز بلا خلاف ا هـ.
هذا. ولقد كنت في الطبعة الأولى تابعت بعض الكاتبين هنا في اتهام هذه الرواية بالدس@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

عن الموقع

logo الذاكرين الله <<  موقع القرآن الكريم هو موقع لخدمة كتاب الله يختص بالقرآن الكريم استماعا وتحميلا وحفظا وجمع المصاحف الكاملة مع مختلف الروايات والتلاوات.

اعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف