266 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة - الذاكرين الله

Post Top Ad

Post Top Ad

الأربعاء، 17 فبراير 2021

266 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة

1603317008-602



"ص : 266
وأصحّهم تصوّرا لما يذكر من هذه الشأن أتمّهم قربا من الطبقة الأولى ، ولهم الجمع بين التنزيه المنبّه عليه في سورة الإخلاص ، وفي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وبين تشبيه :
« ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا كلّ ليلة » « 1 »
و
« يسكن جنّة عدن في دار له فيها »
ويتحوّل في الصور يوم القيامة ، وينزل مع ملائكة السماء السابعة فيستوي على عرش الفصل والقضاء ، ويراه السعداء ، ويسمعون كلامه كفاحا ، ليس بينه وبينهم ترجمان فيثبت كلّ ذلك للحقّ كما أخبر به عن نفسه ، وبحسب ما ينبغي لجلاله ، في مرتبة ظاهريّته ، لأنّ كلّ هذا من شؤون الاسم « الظاهر » كما أنّ التنزيه متعلّقه الاسم « الباطن » .
ولحقيقة سبحانه المسمّاة بالهويّة الجمع بين الظاهر والباطن كما نبّه على ذلك بقوله :
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ « 2 » ، فعيّن مقام الهويّة « 3 » في الوسط بين الأوّليّة والآخريّة ، والظاهريّة والباطنيّة ، وكذلك نبّهنا سبحانه فيما شرع لنا من التوجّه إلى الكعبة بعد التوجّه إلى بيت المقدس على سرّ ما أشرنا إليه بقوله : قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ « 4 » أي بين المشرق والمغرب لأنّه أردف ذلك بقوله :
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً « 5 » أي كما جعلنا قبلتكم متوسطة بين المشرق والمغرب.
ولمّا كان المشرق للظهور والمغرب للبطون والوسط للهو « 6 » كما بيّنّا ، كان صاحب الوسط له العدل والاستقامة المحقّقة ، وأمّا قوله : فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ « 7 » ، فهو تنبيه منه سبحانه على سرّ الحيطة والمعيّة الذاتيّة والإطلاق ، ويظهر حكم ذلك في الحائر الذي لم يتحقّق جهة القبلة ، وفيمن يتوجّه إلى القبلة من جهة المغرب أو المشرق كأنّ أحدهما متوجّه إلى المغرب - وإن كان قصده استقبال القبلة من جهة المغرب - والآخر بالعكس كأنّه متوجّه إلى المشرق ، وفيمن ينتقل على راحلته فإنّه يصلّي حيث توجّهت به راحلته كما ثبت ذلك عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ، وفي المصلّي في نفس الكعبة لا يتعيّن بجهة معيّنة هكذا « 8 » حال من عاين محتد الجهات وارتقى عنها إلى حيث لا « أين » ولا « حيث » ولا « إلى » لأنّه حصل
__________
(1). طبقات الشافعية ، ج 9 ، ص 81.
(2). الحديد (57) الآية 3.
(3). ق : الهو.
(4). البقرة (2) الآية 142.
(5). البقرة (2) الآية 143.
(6). ق : للوسط الهو.
(7). البقرة (2) الآية 115.
(8). في بعض النسخ : هكذا من.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

عن الموقع

logo الذاكرين الله <<  موقع القرآن الكريم هو موقع لخدمة كتاب الله يختص بالقرآن الكريم استماعا وتحميلا وحفظا وجمع المصاحف الكاملة مع مختلف الروايات والتلاوات.

اعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف