"ص : 40
الصفة الحاكمة عليه حين التجلّي الثاني ، الحاصل لدى الفتح ، بل المنتج له ، فالذي للعين الثابتة في التجلّي الأوّل تقييده بصفة التعيّن فقط ، والذي للصفة الغالبة الوجوديّة صبغ التجلّي بعد تعيّنه بوصف خاصّ يفيد حكما معيّنا أو أحكاما شتّى ، كما سبق التنبيه عليه.
فإذا حصل التوحيد « 1 » المذكور ، اندرجت تلك الأحكام المتعدّدة المنسوبة إلى الأحديّات والمتفرّعة منها في الأصل الجامع لها ، فانصبغ المحلّ والصفة الحاكمة بحكم التجلّي الأحدي الجمعي ، ثم ينصبغ التجلّي بحكم المحلّ.
ثم أشرق ذلك النور على الصفات والقوى ، وسرى حكمه فيها ، فتكتسى حالتئذ سائر حقائق ذات المتجلّى له وصفاته حكم ذلك التجلّي الوحداني ، وتنصبغ به انصباغا « 2 » يوجب اضمحلال أحكام تلك الكثرة وإخفاءها دون زوالها بالكلّيّة « 3 » لاستحالة ذلك.
ثم لا يخلو إمّا أن يتعيّن التجلي بحسب مرتبة الاسم « الظاهر » ، أو بحسب مرتبة الاسم « الباطن » أو بحسب مرتبة الاسم « الجامع » لانحصار كلّيّات مراتب التجلّي فيما ذكرنا.
فإن اختصّ بالاسم « الظاهر » وكان التجلّي في عالم الشهادة ، أفاد المتجلّى له رؤية الحقّ في كلّ شي ء رؤية حال فظهر سرّ حكم التوحيد في مرتبة طبيعته وقواها الحسّيّة والخياليّة ، ولم يزهد في شي ء من الموجودات.
وإن اختصّ بالاسم « الباطن » وكان إدراك المتجلّى له ما أدركه بعالم غيبه وفيه ، أفاده معرفة أحديّة الوجود ونفيه عن سوى الحقّ دون حال ، وظهر سرّ التوحيد والمعرفة اللازمة له في مرتبة عقله ، وزهد في الموجودات الظاهرة ، وضاق عنه كلّ كثرة وحكمها.
وإن اختصّ التجلّي بالاسم « الجامع » وأدركه المدرك من حيث مرتبته الوسطى الجامعة بين الغيب والشهادة وفيها ، استشرف على الطرفين ، وفاز بالجمع بين الحسنيين ، ولهذا المقام أحكام متداخلة وأسرار غامضة يفضي شرحها إلى بسط وتطويل ، فأضربت عن ذكرها طلبا للإيجاز. واللّه وليّ الهداية.
ثم نقول : وهذه التجلّيات هي تجلّيات الأسماء ، فإن لم يغلب على قلب المتجلّى له حكم
__________
(1). ق : التوحد.
(2). ب : انصباغات.
(3). ق : الكليّة.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
40 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق