"ص : 45
في كلّ وقت وحال ونشأة وموطن إنّما هو ما يستدعيه حكم المناسبة التي بينه وبين ذلك الحال والوقت والنشأة والموطن وأهله ، كما هو سنّة الحقّ من حيث نسبة تعلّقه بالعالم وتعلّق العالم به وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ، فما لم يتخلّص الإنسان من ربقة قيود الصفات الجزئيّة والأحكام الكونيّة ، يكون إدراكه مقيّدا بحسب الصفة الجزئيّة الحاكمة عليه على الوجه المذكور ، فلا يدرك بها إلّا ما يقابلها من أمثالها ، وما تحت حيطتها لا غير.
فإذا تجرّد من أحكام القيود والميول « 1 » والمجاذبات الانحرافيّة الأطرافيّة الجزئيّة ، وانتهى إلى هذا المقام الجمعي الوسطي المشار إليه ، الذي هو نقطة المسامتة الكلّيّة ، ومركز الدائرة « 2 » الجامعة لمراتب الاعتدالات كلّها ، المعنويّة والروحانيّة ، والمثاليّة والحسّيّة ، المشار إليه آنفا ، واتّصف بالحال الذي شرحته ، قام للحضرتين « 3 » في مقام محاذاته المعنويّة البرزخيّة ، فواجههما « 4 » بذاته كحال النقطة مع كلّ جزء من أجزاء المحيط ، وقابل كلّ حقيقة من الحقائق الإلهيّة والكونيّة بما فيه منه من كونه نسخة من جملتها ، فأدرك بكلّ فرد من أفراد نسخة وجوده ما يقابلها من الحقائق في الحضرتين ، فحصل له العلم المحقّق بحقائق الأشياء وأصولها ومبادئها لإدراكه لها « 5 » في مقام تجريدها ، ثم يدركها من حيث جملتها وجمعيّتها بجملته وجمعيّته ، فلم يختلف عليه أمر ، ولم ينتقض عليه حال ولا حكم بخلاف من بيّن حاله من قبل ، ولو لا القيود الآتي ذكرها ، لاستمرّ حكم هذا الشهود ، وظهرت آثاره على المشاهد ، ولكنّ الجمعيّة التامّة الكماليّة تمنع من ذلك ، لأنّها تقتضي الاستيعاب المستلزم للظهور بكلّ وصف ، والتلبّس بكلّ حال وحكم. والثبات على هذه الحالة الخاصّة المذكورة - وإن جلّ - يقدح فيما ذكرنا من الحيطة الكماليّة والاستيعاب الذي ظهر به الحقّ من حيث هذه الصورة العامّة الوجوديّة التامّة ، التي هي الميزان الأتمّ ، والمظهر الأكمل الأشمل الأعمّ.
ثم نقول : ومن نتائج هذا الذوق الشامل ، والكشف الكامل الاستشراف على غايات
__________
(1). ق : الميال.
(2). ق : الدائرة الكبرى.
(3). ب : الحضرتين.
(4). ب : فواجهها.
(5). ب : لإدراكها.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
45 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق