"ص : 79
أنّه يتعذّر معاينته إلّا بالمتشكّل كما أنّ المتشكّل يتعذّر إدراكه إلّا بواسطة الشكل.
وكذا يغلط من يعرف من حقائق الأشياء أعراضها وصفاتها ، ويظنّ أنّه قد عرف الصفة من حيث حقيقتها ، وهو لم يعرفها إلّا من حيث كونها صفة لموصوف مّا ، كما سبق التنبيه عليه ، وكما قلنا آنفا في الكيفيّات المدركة : إنّها أحوال للأمر المتشكّل من حيث هو متشكّل لا مطلقا ، فافهم.
وهذه المعرفة متعلّقها النسب لا الحقائق ، وصاحبها إنّما عرف نسب الحقائق بقيود سلبيّة أو إضافيّة ، و « 1 » لم يعرف كنهها إذ معرفة كنه الحقائق لا تحصل إلّا بالطريق المذكور من قبل ، المختصّ بذوق الأكابر - رضي اللّه عنهم - ثم نقول : فأجزاء حدّ كلّ شي ء بسيط ليست أجزاء لحقيقته ، بل لحدّه فحسب ، وهو شي ء يفرضه العقل في المرتبة الذهنيّة ، فأمّا هو في ذاته فغير معلوم من حيث هو هو ، حتى تنتفي « 2 » عنه الأجزاء نفيا حقيقيّا ، أو تثبت « 3 » له ، ولهذا السرّ وما سبق بيانه في أوّل الكتاب تعذّرت معرفة حقائق الأشياء من حيث إطلاقها وبساطتها في حضرة الغيب الإلهي الذي هو معدنها الأعلى ، الوجه المنبّه عليه في سرّ العلم من قبل.
فالمتشكّل في ضرب المثل إذا اعتبر مجرّدا عن الشكل « 4 » يكون في حضرة العلم الإلهي الغيبي ، فلا يتعيّن لنا لما بيّنّا ولا يمتاز ، فلا « 5 » ينضبط في تصوّر ، ولا يتأتّى تعريفه وتحديده وتسميته والتعبير عنه لعدم تحقيق « 6 » معرفته إلّا على وجه مجمل ، وهو أنّ ثمّة شيئا وراء هذا الشكل من شأنه أنّه متى اعتبر مجرّدا عن الصور والصفات والاعتبارات المعيّنة له والأشكال ، لا ينضبط في تصوّر ، ولا يمكن تعقّله على التعيين وشهوده ، فلا بدّ من أمر يظهر به الشكل الذي تقيّد به الأمر الموصوف بالتشكّل ، حتى تأتّى إدراك كلّ منهما - أعني الشكل « 7 » والمتشكّل - من حيث ذلك الأمر وهو نسبة الجمع.
وأمّا اعتبار الشي ء مجرّدا عن الشكل « 8 » وحكم التشكّل كما قلنا - فيتعذّر معرفة حقيقته
__________
(1). ق : لم يرد.
(2). ق : ينقى.
(3). ب : ثبت.
(4). ق : التشكّل.
(5). ق : ولا.
(6). ق : تحقّق.
(7). ق : التشكّل.
(8). ق : التشكّل.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
79 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق