"ص : 161
معرفته عليه ، وكون الظاهر مطلوبا للباطن والظاهر مستغن ، فلا تزال المجاذبة والمقارعة واقعة بين المرتبتين.
والحافظ للحدّ - أعني الإنسان الكامل - برزخ بين الحضرتين ، جامع لهما ، بيده الميزان في قبّة أرين « 1 » ، دائم النظر إلى عين الميزان ، الذي هو مقام الاعتدال ونقطة وسط الدائرة ، فتراه حارسا واقيا « 2 » حافظا بأحديّة الجمع صورة الخلاف ، مظهرا ناظما فاصلا يطلب من ربّه أن يجوع يوما ويشبع يوما ، تأسّيا بصورة الأصل ، وتطبيقا تناسبيّا بين حكم الحقائق الغيبيّة المجرّدة الباطنة والموادّ الصوريّة التركيبيّة الظاهرة فإنّ العصمة من لوازم الاعتدال وأحكامه على اختلاف مراتب الاعتدال المعنويّة والروحانيّة والطبيعيّة بالنسبة إلى الصور البسيطة و « 3 » المركّبة ، وضدّ الاعتدال - حيث كان - يلزمه الفناء والاختلال والتحليل وظهور الأحكام الشيطانيّة ونحو ذلك ، فاعتبر ما ذكرته لك كلّيّا عامّا وجزئيّا في كلّ مرتبة وصورة معيّنة ، وعضو ظاهر وباطن ، وأمر طبيعي أو روحاني ، تستشرف على أسرار غريبة عزيزة ، عظيمة الجدوى.
غذاء الروح وغذاء الجسد
ثم اعلم ، أنّه كما اختصّ كلّ مزاج صوري باعتدال يخصّه ويناسبه وبحفظه تنحفظ صحّة ذلك المزاج ، ويدوم بقاء صاحبه ، ويظهر أحكام القوى البدنيّة في ذلك المزاج ، على الوجه الموافق والميزان المناسب بالمزج المتوسّط بين طرفي الإفراط والتفريط ، فيتأتّى لجميع القوى أن تتصرّف في أفانين أفعالها ، وتتعلّق المدارك بحسب مراتبها بمدركاتها ونحو ذلك ، كذلك للروح الإنساني قوى وصفات واختلاف « 4 » يحصل بينها امتزاج روحاني ومعنوي يقوم منها نشأة نورانيّة ، ولذلك المزاج أيضا اعتدال يخصّه ، وميزان يناسبه ، بحفظه تنحفظ تلك النشأة ، ويتأتّى لقواها التصرّف فيما أبيح له التصرّف فيه ، على نحو ما سبق التنبيه عليه في المزاج الصوري.
__________
(1). الأرين : النشاط ، واسم موضع. وكلاهما صحيح هنا. [.....]
(2). وافيا.
(3). ق : لم يرد.
(4). ق : أخلاق.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
161 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق