"ص : 163
ولم يتجاوز بها حدّها ، ولم يمزج بين الصفات ، ولم يخلط بين المراتب وأحكامها ، وأقام العدل في نفسه وخاصّة « 1 » رعاياه ، وتحقّق بالاسمين : « الحكم » « العدل » وغيرهما ، وصار صحيح الكشف ، صحيح المزاج الروحاني ، كنبيّنا صلّى اللّه عليه وآله والكمّل قبله وبعده من ورثته.
فما كان كمال كشفه « 2 » إدراكه في مرتبة المثل ، كشفه ممثّلا ، وما كان كمال كشفه أن يدرك في الحسّ ، أدركه في الحسّ ، وما كان كمال كشفه أن يدرك في عالم المعاني المجرّدة والحضرات الروحانيّة ، أدركه في مرتبته حيث كان على ما هو عليه.
أخبرني شيخي وإمامي الإمام الأكمل رضي اللّه عنه : أنّه منذ تحقّق بهذا الأمر ما استعمل قوّة من قواه إلّا فيما خلقت له ، وأنّ قواه شكرته عند الحقّ لإقامة العدل فيها وتصريفه إيّاها فيما خلقت له ، وهذا من أعلى صفات مرتبة الكمال عند من عرف ما الكمال ، فكن يا أخي ممّن عرف - إن شاء اللّه -
تخبط المحجوبين
ثم نقول : وفي مقابلة صاحب هذا الذوق المحجوبون عن عالم الكشف ، وهم الذين بعدت نسبة أمزجتهم الروحانيّة عن الاعتدال المذكور ، بطمس قواهم النفسانيّة ، واستيلاء حكم بعض الصفات الطبيعيّة « 3 » بقهرها لباقي الصفات ، وانصباغ ما عدا الغالب بحكم تلك الصفة الغالبة انصباغا أوجب اضمحلال خاصّيّته واستهلاكه ، كما أشرنا إلى ذلك في التجلّي الذاتي بالنسبة إلى المتجلّى له التامّ التوجّه والاستعداد.
فالمزاج الروحاني - الذي للجاهل الفدم ، « 4 » الغليظ ، الأحمق ، الجافي ، البعيد الفطنة جدّا - في مقابلة المزاج الروحاني المختصّ بصاحب الكمال المذكور ، الذي يبصر بالحقّ ويسمع به ، ويبصر أيضا به الحقّ ويسمع به ، كما ورد في الحديث الثابت.
ونظير هذا الذي ذكرناه - من الصور المركبة بالنسبة إلى الاعتدال الطبيعي في الأمزجة - مزاج المعدن بالنسبة إلى مزاج الإنسان ، الذي هو أقرب الأمزجة نسبة إلى الاعتدال التامّ.
__________
(1). ه : خاصّته.
(2). ق : عرفت.
(3). ق : الطبعية.
(4). الفدم : العييّ عن الكلام ، الأحمق ، الغليظ الدم. وفي ب : القدم.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
163 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق