"ص : 171
واللوح ، ثم عالم الطبيعة من حيث ظهور حكمها في الأجسام بحقيقتي الهيولى والجسم الكلّ ثم العرش هكذا على الترتيب إلى أن ينتهي الأمر إلى الإنسان في عالم الدنيا ، ثم عالم البرزخ ، ثم عالم الحشر ، ثم عالم جهنّم ، ثم عالم الجنان ، ثم عالم الكثيب ، ثم حضرة أحديّة الجمع والوجود ، الذي هو ينبوع جميع العوالم ، فافهم واللّه الهادي.
قوله تعالى : الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ،
التفسير : لمّا تكلّمت على مفردات قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وبيّنت ما يختصّ بكلّ كلمة منها من الأسرار الكلّيّة والأحكام الجمليّة اللازمة لها ، احتجت [إلى ] أن أتكلّم على هذه الآية مرّة أخرى بتنبيه وجيز جملي ، لتفهم من حيث جملتها وتركيبها ، كما علمت من حيث مفرداتها ، وهكذا أفعل في باقي السورة - إن شاء اللّه - ثم أضيف إلى ما سبق ذكره من التنبيه الجملي المذكور الكلام على الاسمين :
« الرّحمن » ، « الرّحيم » حسب ما يستدعيه هذا الموضع ، وإن كان فيما سلف غنية ولكن لا بدّ من التنبيه على حكمهما هنا مع تقدّم ذكرهما في البسملة ، فنقول :
اعلم ، أنّه لمّا كان ظهور الحمد من الحامدين للمحمودين إنّما يكون في الغالب بعد الإنعام وفي مقابلة الإحسان ، وأنهى من « 1 » ذلك الحمد الصادر من العارفين المخلصين لا في معرض أمر مخصوص فإنّ نفس معرفتهم - المستفادة من الحقّ بأنّه سبحانه يستحقّ الحمد لذاته وما هو عليه من الكمال - من أجلّ النعم وأسناها ، ولم « 2 » يخل أحد من أن يكون على إحدى حالتين الراحة أو « 3 » النكد ، وصحّ عند المحقّقين أنّ الحقّ أعرف بمصالح عباده وأرعاها لهم منهم ، لا جرم جمع سيّد العارفين والمحقّقين صلّى اللّه عليه وآله حكم الحمد في
قوله في السرّاء : « الحمد للّه المنعم المفضل »
وفي
قوله في الضرّاء : « الحمد للّه على كلّ حال » « 4 »
تنبيها على أنّ الحال الذي لا يوافق أغراضنا وطباعنا لا يخلو عن مصلحة أو مصالح لا ندركها ، يعود نفعها « 5 » علينا ، فتلك « 6 » الأحوال وإن كرهناها فللّه فيها رحمة خفيّة ، وحكمة عليّة يستحقّ منّا الحمد عليها ، وذلك القدر من الكراهة هو حكم بعض أحوالنا عاد علينا مع التجاوز الإلهي عنّا في
__________
(1). ه : عن.
(2). ق : ولما لم.
(3). ق : و.
(4). جامع المسانيد ، ج 29 ، ص 262.
(5). في بعض النسخ : نفعه.
(6). ق : وتلك.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
171 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق