"ص : 173
الاسمين : « الرّحمن » ، « الرّحيم » دون غيرهما ، إشارة إلى أنّ الإنعام والإحسان المثمرين للحمد والشكر هما من توابع هذين الاسمين فإنّه لو لا الرحمة وسبقها الغضب لم يكن وجود الكون ، ولا ظهر للاسم « المنعم » و « المحسن » وأخواتهما عين ، ولهذا كان الاسم « الرّحمن » تلوا في الحيطة والحكم والتعلّق والجمعيّة للاسم « اللّه » .
فعرّف سبحانه بهذين الاسمين هنا أنّ لوصول إنعامه طريقين ، وأنّ إنعامه على قسمين ، فإحدى الطريقين سلسلة الترتيب ومرتبة الأسباب والوسائط والشروط ، والطريق الأخرى مرتبة رفع الوسائط ، وما ذكروا « 1 » الإنعام من الوجه الخاصّ الذي ليس للأسباب والأكوان فيه حكم ولا مشاركة. وقد نبّهت على ذلك غير مرّة.
وأمّا القسمان فالعموم والخصوص ، فالعموم للوجود المختصّ بالرحمن فإنّ الرحمة كما بيّنّا نفس الوجود ، والغضب يتعيّن بالحكم العدمي اللازم للكثرة « 2 » الإمكانيّة ، والسبق هو الترجيح الإيجادي. والرحمن اسم للحقّ « 3 » من كونه عين الوجود فإنّ أسماء الحقّ إنّما تنضاف إليه بحسب الاعتبارات المتعيّنة بالآثار والقوابل ، ولهذا كثرت مع أحديّة المسمّى.
ولمّا كان التخصيص حكما من أحكام العموم وفرعا عليه ، اندرج الاسم « الرّحيم » في « الرّحمن » ولمّا كانت الألوهيّة - من حيث هي - مرتبة معقولة لا وجود لها ، وكانت من حيث الحقّ المنعوت بها والمسمّى لا تغايره لما بيّنّا أنّ الاسم من وجه هو المسمّى ، كان الاسم « اللّه » جامعا للمراتب والموجودات ، وكان « الرّحمن » أخصّ منه لدلالته على الوجود فحسب ، واختص الاسم « الرّحيم » بتفصيل « 4 » حكم الوجود وإظهار تعيّناته في الموجودات.
فإن فهمت ما بيّنته لك ، وتذكّرت ما أسلفته في شرح هذين الاسمين وسرّ الاستواء وسرّ العرش والكرسي ، تحقّقت بمعرفة هذه الأسماء ، واستشرفت على كثير من أسرارها.
ثم نقول : وكلّ شي ء فلا بدّ وأن يكون استناده إلى الحقّ من حيث المرتبة أو « 5 » الوجود جمعا وفرادى ، فلهذا عبّر « 6 » سبحانه بهذين الاسمين في مرتبة التقدم والرئاسة على باقي
__________
(1). ق ، ه : وما ذكر و.
(2). ق : لكثرة.
(3). ق : الحق.
(4). ب : بتخصيص.
(5). ب : و.
(6). ق : عين.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
173 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق