"ص : 192
وصل من هذا الأصل
اعلم ، أنّ أهمّ ما يجب ذكره وبيانه من هذه التقاسيم كلّها هو أفعال المكلّفين ، المضمون لهم عليها الجزاء وهم الثقلان وللحيوانات في ذلك مشاركة من جهة القصاص لا غير ، وليس لها - على ما ورد - جزاء آخر ثابت مستمرّ الحكم. وأمّا الجنّ فنحن وإن كنّا « 1 » لا نشكّ في أنّهم يجازون على أفعالهم ، لكن لا نتحقّق أنّهم يدخلون الجنّة ، وأنّ المؤمن منهم يجازى على ما عمل من خير في الآخرة فإنّه لم يرد في ذلك نصّ ، ولا يعرف من جهة الذوق في هذه المسألة ما يوجب الجزم ، فقد يجنون ثمرة خيرهم في غير الجنّة ، حيث شاء اللّه. وأمّا الإنسان فعليه مدار الأمر وهو محلّ تفصيل الحكم.
فنقول : فعله لا يخلو إمّا أن لا يقصد به مصلحة مّا ، فهو المسمّى عبثا ، وقد سبق التنبيه عليه وعلى أنّه غير مقصود للحقّ في نفس الأمر ، وإمّا أن يكون مقصودا ومتعلّقا بأمر هو غايته ، وذلك الأمر إمّا أن يكون الحقّ أو ما منه.
فما متعلّقه الحقّ ، فإنّ مجازاته سبحانه عليه تكون بحسب عنايته بالعبد الذي هذا شأنه ، وبحسب علم العبد بربّه ، الذي لا يطلب بما يفعله شيئا سواه ، وبحسب اعتقاده فيه ، وحضوره معه حين الفعل من حيث العلم والاعتقاد ، ولهذا المقام أسرار يحرم كشفها.
وما من الحقّ يتعلّق تفصيله بأربع مقامات : مقام الخوف ، ومقام التقوى ، ومقام الرجاء ، ومقام حسن الظنّ.
وهذه المقامات تابعة لمقامات المحبّة فإنّ الباعث على الفعل هو الحكم الحبّي ،
__________
(1). ق : لا توجد.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
192 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق