"ص : 202
إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا ، وعيّن صلّى اللّه عليه وآله أيضا في باب السيّئات وعدم تأخير « 1 » الجزاء عليها بالعقوبة ، قطيعة الرحم ، والبغي وترك النهي عن المنكر مع التمكّن من ذلك.
والجزاء العامّ السريع في الخير تهيئة واستقامة تحصل للقوى القلبيّة والصفات الروحانيّة والطبيعيّة ، فيعقبها انكشاف بعض الحجب وذهاب بعض الموانع الحائلة بين الإنسان وبين إدراك بعض ما في إدراكه ، له خير وراحة في عاجل أو آجل ، معنويّا كان الخير أو محسوسا ، فيحظى من ذلك الخير بمقدار تهيّئه وقبوله وما كتب له منه ، دون بطء ولا تأخير بطء والجزاء العامّ السريع في باب المكروه الحرمان الذي يوجبه إمّا حجاب وارد ، أو عدم ارتفاع حجاب حاصل في المحلّ حاكم عليه ، لو لا ذلك الفعل السيّئ ، لانتهى حكمه وخلأ الإنسان منه ، أو لعدم « 2 » حراسة تقي ضرر ما اجتلبه الإنسان إلى نفسه بواسطة الفعل السيّئ وتعرّض له بقبيح العمل.
فهذه الأقسام من نوع الجزاء لا تتأخّر عن الفعل ، بل تترتّب عليه عقيب صدوره من العامل.
ويشتمل هذا المقام على أسرار إلهيّة وكونيّة شريفة جدّا لا يشهدها إلّا الأكابر من أهل الحضور والشهود والمعرفة التامّة ، ويعلمون من تفاصيلها بمقدار معرفتهم التي يتبعها حضورهم.
ومن هذا المقام يشهد من يكشفه على التمام سرّ الأمر الأحدي الجمعي الإلهي ، ثم الرحماني الذي تفرّع منه حكم الإصبعين في إقامة القلب وإزاغته ، ثم حكم الإصبعين من كونهما إصبعين ، ثم اللمّتين ، والأفعال النفسانيّة الطبيعيّة المباحة ، التي لا أجر فيها ولا وزر ، إلّا إذا ظهرت من الكمّل والأفراد ومن شاء اللّه من المحقّقين الحاضرين مع الآمر حين المباشرة من حيث الأمر ، بمعنى أنّه لو لم يبح له مباشرة ذلك الفعل ، ما باشره ، مع ما أضاف إلى الإباحة بقوله تعالى : كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ « 3 »
__________
(1). ق : تأخّر.
(2). ق : عدم.
(3). البقرة (2) الآية 57.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
202 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق