"ص : 217
مرآة عينه الثابتة في ضرب المثل أقرب إلى الاعتدال والاستدارة وصحّة الهيئة والشكل ، متناسبة الأحوال والصفات ، والقوى والأحكام ، بحيث لا تظهر في الأمر المنطبع فيها ، والظاهر بها حكما مخالفا لما يقتضيه الأمر في نفسه لذاته من حيث هو ، كان أقلّ المجالي تكليفا ، وأتمّها استحقاقا للمغفرة الكبرى ، التي لا يعرفها أكثر المحقّقين ، وأقربها نسبة إلى الإطلاق ، وأسرعها انسلاخا عن الأحكام الإمكانية والصفات التقييديّة ، ما عدا القيد الواحد المنبّه عليه ، كنبيّنا محمد صلّى اللّه عليه وآله ، ثم الكمّل من عباد اللّه من الأنبياء والأولياء.
ولهذا وغيره قيل له : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ « 1 » وأبيح له ولمن شاء اللّه ما حجر على الغير.
وصاحب « 2 » هذه المرآة التامّة هو العبد المحقّق ذو القدم القديم ، والفضيلة الذاتيّة الأزليّة ، الذي لم يؤثّر - بنقص القبول - في صورة كلّ ما تجلّى فيه خداجا ولا نقصا وتغيّرا ، ولا أكسب الأمر المنطبع فيه وصفا متجدّدا لم يكن ثابتا له أزلا سوى نفس التعيّن بحسب القيد الواحد ، الذي لا مندوحة عنه ، بخلاف غيره ، فهو - أعني هذا العبد - يحاذي ويقابل كلّ شي ء بالطهارة الصرفة ، ليظهر كلّ من شاء بما هو عليه في نفسه ، وكلّ من هذا شأنه فإنّه يحفظ على كلّ شي ء صورته الذاتيّة الأصليّة على نحو ما كانت مرتسمة في ذات الحقّ ، ومتعيّنة في علمه أزلا مادام محاذيا له ، فإن انحرف عن كمال المسامتة - لاقتضاء حكم حقيقة الانحراف - فلا يلومنّ إلّا نفسه
« من وجد خيرا ، فليحمد اللّه ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه » .
انظر ما الذي أخبرك عليه السّلام عن ربّه أنّه قال لك ، وافهم عنه ، وقد أخبرتك أنّك من وجه مرآة وجوده ، وهو مرآة أحوالك ، وقد كرّرت »
وربما زعمت أنّي طوّلت ، فاذكر فو اللّه لقد أو جزت واختصرت ، لو « 4 » عرفت ما ذكرت لك ، لطار قلبك ودهش لبّك ، ولكن واللّه ما أراك تفهم مقصودي وأنت معذور ، كما أنّي في التلويح بهذا القدر من هذا المقام مجبور ومأمور ، « 5 »
__________
(1). الفتح (48) الآية 2.
(2). ق : فصاحب.
(3). ق : فكررت.
(4). ق ، ه : ولو.
(5). ق : لا توجد.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
217 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق