216 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة - الذاكرين الله

أحدث المشاركات

Post Top Ad

Post Top Ad

الأربعاء، 17 فبراير 2021

216 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة




"ص : 216
وتوحّدا ، فإنّه لا يتّصف بالحرّيّة التامّة الرافعة لجميع الاعتبارات والنسب والإضافات وأحكام القيود أصلا ، بل ولو ارتقى ما عسى أن يرتقي بحيث تسقط عنه الأحكام التقييديّة الإمكانيّة والصفاتيّة الأسمائيّة أيضا بعد سقوط التكليفات الأمرية عنه وخروجه عن حصر الأحوال والنشآت والمواطن والمقامات ، فلم يحصره عالم ولا حضرة ولا غيرهما ممّا ذكرنا « 1 » لا بدّ وأن يبقى معه حكم قيد واحد إمكاني في مقابلة القيد الاعتباري الثابت في أنهى مراتب الإطلاق للوجود المطلق.
وهذا القيد الباقي للإنسان هو حظّه المتعيّن من غيب الذات ، الذي قلنا غير مرّة : إنّه لا يتعيّن لنفسه من حيث هو إلّا بأمر ، ولا يتعيّن فيه لنفسه شي ء ، فتعيّنه - أي تعيّن الغيب المذكور - هو بحسب ما به ظهر متعيّنا وهو حاله المسمّى فيما بعد بالممكن ، فافهم.
وبهذا التعيّن يظهر سرّ ارتباط الحقّ بالإنسان وارتباط الإنسان به ، من حيث يدري الإنسان ومن حيث لا يدري. ولما ذكرنا توقّف تعقّل الوجود المطلق على نسبة أو مظهر يفيد التمييز ولو غيبا لا عينا ، كتوقّف ظهور العين - التي هي شرط في التعقّل - على الوجود.
وأمّا عدم شعور قوم من أهل الشهود الحالي هذا التمييز فلا ينافي ثبوته في نفسه فإنّ الكمّل والمحقّقين من أهل الصحو - المخلصين من ورطة السكر والمشاهدات المقيّدة عند استقرارهم من وجه في مركز مقام الكمال الإحاطي الجمعي الأحدي الوسطي ، المعاينين من أطراف المحيط وأهلها ما خفى عن المنحرفين - يحكمون بما ذكرنا.
ثم نقول : ولكلّ واحد من هذين القيدين : قيد الوجود ، وقيد الإنسان حكم نافذ ثابت يعطي آثارا جمّة يعرفها الأكابر ، ويشهدونها من أنفسهم ومن سواهم وفي أحوالهم ، فيعرفون من الناس - بل ومن الأشياء كلّها - ما لا يعرفه شي ء من نفسه ، فضلا عن أن « 2 » يعرفه من سواه.
وأمّا أحكام « 3 » التكاليف والقيود اللازمة لها فتتفاوت في الخلق بالقلّة والكثرة ، والدوام وعدم الدوام ، بحسب القيود المضافة إلى الوجود من جهة كلّ فرد من أفراد الخلق. فمن كانت
__________
(1). ق : ذكر.
(2). ق : أنّه.
(3). ه : حكام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

من الشّعرِ حكمة!

عن الموقع

author الذاكرين الله <<  موقع القرآن الكريم هو موقع لخدمة كتاب الله يختص بالقرآن الكريم استماعا وتحميلا وحفظا وجمع المصاحف الكاملة مع مختلف الروايات والتلاوات.

اعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *