"ص : 215
« وجبت محبّتي للمتحابّين فيّ » « 1 »
الحديث
« و إنّ حقّا على اللّه أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيا إلّا وضعه »
ونحوه ممّا يطول ذكره.
والأصل الآخر - الذي منه نشأ التكليف ، وبه ظهر سرّ المجازاة بما لا يوافق من بعض الوجوه - هو أنّ التجلّي الوجودي المقتضي إيجاد العالم - وإن شئت قل : الوجود الفائض من ذات الحقّ على حقائق الممكنات - له الإطلاق التامّ عن سائر القيود الحكميّة والصفات التعيّنية « 2 » المتكثّرة الإمكانيّة ، ومن حيث انطباعه في أعيان الممكنات - أو قل : اقترانه أو انبساطه عليها ، وظهوره بحسب مراتبها الذاتيّة واستعداداتها ، كما بيّن لك من قبل - أضيفت إليه - أي إلى الوجود المنبسط المذكور - الأوصاف المتعدّدة المختلفة ، وتقيّد بالأحكام والأسماء والنعوت تقيّدا غير منفكّ عنه ، بحيث استحال تعقّله وإدراكه مجرّدا عنها جميعها ، بل قصارى الأمر التجرّد عن أكثرها. وأمّا عن جميعها بالكلّيّة فمحال إلّا بالفرض ، وأنهى الأمر الانتهاء إلى قيد واحد إضافي ، هذا في أعلى مراتب الإطلاق.
فلا جرم اقتضت الحكمة العادلة وحكم الحضرة الجامعة الكاملة ظهور سرّ المجازاة ، ووضعه بسرّ المناسبة والموازنة المحقّقة ، فظهر التكليف الإلهي للعباد كلّهم ، وكلّ ما سواه عبد ، فتعيّنت القيود الأمريّة والأحكام الشرعيّة ، في مقابلة ما عرض للوجود من التقيّدات العينيّة وأحكام المراتب الكونيّة الإمكانيّة والعبادات المقرّرة على نمط خاصّ في مقابلة ما يختصّ كلّ موطن وعالم وزمان ونشأة وحال به من الأحكام ، وتقتضيه بحيث لا يمكن تعيّن الوجود فيه ، ولا ظهور الحقّ وتصرّفه إلّا بحسبه ، فتقرّرت العبادات - كما قلنا - في أهل كلّ عالم أيضا ودور ووقت خاصّ وموطن ونشأة وحال ومزاج ومرتبة بحسب ما يقتضيه حكم الحال والزمان وما ذكر ، وبحسب الصفات اللازمة لكلّ ذلك أيضا ، وثبت ذلك جميعه في الكائنات ، كثبوت الحكم المذكور « 3 » آنفا هناك لا جرم لو انتهى الإنسان - الذي هو الأنموذج لجميع الممكنات والنسخة الجامعة لخصائصها وحقائقها - في أمره وحاله وترقّيه إلى أقصى مراتب الإطلاق ، علما وشهودا ، وحالا ومقاما ، وتجريدا
__________
(1). جامع المسانيد ، ج 10 ، ص 13 - 14.
(2). في بعض النسخ : العينيّة.
(3). في بعض النسخ : لمذكور.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
215 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق