"ص : 242
ما ظهرت أعيان الأسماء.
فنحن العابدون وهو المعبود ، وهو الموجد ونحن الموجودون ، فلام العلّة المنبّه على أحد حكميها بقوله : وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »
ذاتيّة في الجانبين ، فأظهر أحد حكمي هذا السرّ بهذه « 2 » اللام المذكورة في « ليعبدون » حكمة ظاهرة ، وأخفى حكمها الآخر في قوله : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ حكمة باطنة لأنّ له سبحانه في كلّ شي ء - ولا سيّما في شرائعه وأوامره وإخباراته - حكما ظاهرة وباطنة يشهدها ويتحقّق بمعرفتها الكمّل والمتمكّنون من أهل الكشف والوجود ، ويشعر أهل العلوم الرسميّة من ظاهر تلك الحكم بالأقلّ من القليل منها في بعض الصور التكليفيّة بطريق التعليل.
وأمّا سرّ قوله : نَعْبُدُ ونَسْتَعِينُ بضمير الجمع ، فلسرّين كلّيّين كبيرين :
أحدهما : ما سبقت الإشارة إليه من أنّ ظهور عين العبادة والأعمال مطلقا لا يحصل في الوجود العيني إلّا بين الرتبة المشتملة على أحكام الربوبيّة وبين المجلى المذكور المشتمل على أحكام المربوبيّة ، فمتعلّق ضمير الجمع بلسان الحقّ والكون حيث ورد ، مثل « نحن » و « إنّا » و « نعبد » و « نستعين » وغير ذلك هو لسان جملة ما يشتمل عليه كلّ واحدة من الرتبتين المذكورتين ، فافهم.
وأمّا السرّ الآخر المتضمّن تحقيق ما أجمل ، وبيانه ، فهو أنّ لكلّ من هاتين المرتبتين :
الربانيّة والكونيّة المشار إليهما نشأة معنويّة غيبيّة ، ذات أحوال وحقائق متناسبة متباينة ، ولأحكامها فيما بينهما امتزاج وتداخل بائتلاف واختلاف وهي من جانب الحقّ عبارة عن الصورة التي حذيت عليها الصورة الآدميّة ، وتعيّنها من غيب الحقّ الذاتي هو من حيث المرتبة الإنسانيّة الكماليّة ، المسمّاة هنا بحضرة أحديّة الجمع ، المظهرة أعيان الأشياء وأحكام الأسماء والصفات والشؤون الإلهيّة المتقابلة من جهة الأثر ، والمتفاوتة في الحيطة والحكم ، ك « القابض » و « الباسط » و « المانع » و « المعطي » و « المميت » و « المحيي » و « العليم » و « القدير » و « المريد » وك « السخط » و « الرضا » و « الفرح » و « الحياء » ، و « الغضب » و « الرأفة » و « الرحمة » و « القهر » و « اللطف » ، ونحو ذلك ممّا ورد فإنّ لهذا كلّها
__________
(1). الذاريات (51) الآية 56.
(2). بهذا.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
242 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق