"ص : 248
والحكم المشترك بين الكلّ.
والحكمة الأولى في ذلك أنّ الخلق لا يخلو فيهم من عبد يستجاب له في عين ما سأل ، فيسري حكم دعائه وبركة عبادته تلك في الجميع ، ولهذا
ورد : « الجماعة رحمة »
وحرّضنا على الصلاة والذكر في الجماعة بأنواع من التحريض رجاء البركتين : الواحدة ما ذكرنا من سراية بركة من أجيب دعاؤه وقبلت صلاته كلّها فيمن لم تقبل صلاته ولم يستجب له في عين ما سأل وبحسب ما أراد.
والبركة الأخرى هي أنّه لو قدّر أن لا يكون في الجمع من أتمّ نشأة تلاوته أو صلاته على نحو ما ينبغي ، فإنّه قد يتحصّل من بين الجمع - باعتبار قبول المعبود من كلّ واحد من التالين أو المصلّين بعض ما أتى به - صورة تامّة عمليّة ، منتشية من أجزاء صالحة مقبولة ، كلّ جزء وقسط يختصّ بواحد من تلك الجماعة ، فتعود تلك الصورة التامّة - بحكم كمالها - تشفع فيما بقي من الأجزاء والحصص التي لم تستحقّ القبول ، وتسري بركة المقبولة في غير المقبولة سراية الإكسير بقوّته في الرصاص والقزدير ، فيقلب عينه ، ويوصل بينه ، ويرقّيه إلى درجة الكمال الذي أهّل له ، فافهم.
لفظة الصِّراطَ : الصراط هو ما يمشى عليه ، ولا يتعيّن إلّا بين بداية وغاية ، وفي هذه اللفظة ثلاث لغات : الصاد ، والسين ، والزاي. واختصاصها بالألف واللام هو للعهد والتعريف ، وهو أحد أقسام التعريف لأنّ التعريف بالألف واللام على ثلاث أقسام :
أحدها : تعريف الجنس نفسه لا باعتبار ثبوته لما تحته من الأفراد ، بل باعتبار ذاته فقط.
والثاني : التعريف باعتبار ثبوت الحقيقة لأحد الأفراد التي تحتها.
والثالث : تعريف الحقيقة من حيث استغراقها وهو اعتبار ثبوتها لما تحتها من الأفراد.
ويسمّى الأوّل تعريف الذات ، والثاني تعريف العهد ، والثالث استغراق الجنس.
وفي التحقيق القسم الثاني من هذه الثلاثة الذي هو تعريف العهد هو أتمّ الأقسام فإنّ له وجها إلى التعريف الذاتي ، وكأنّه لا يغايره من ذلك الوجه ، وهكذا حكمه أيضا مع القسم الثالث فإنّه ما لم تسبق للمخاطب معرفة مقصود المخاطب من الأدوات التي يعرّف »
بها
__________
(1). ه : تعرف.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
248 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق