"ص : 247
كذلك ، فلهذا « 1 » وغيره قلنا : إنّ كلّ فرع متوجّه إلى أصله وعابد « 2 » له ، ولهذا الموجب وسواه سرت أحكام العبوديّة والربوبيّة في كلّ شي ء بحسب ما يليق به ، فظهر سرّ المعيّة الإلهيّة الذاتيّة في كلّ شي ء بالإحاطة الوجوديّة والعلميّة والحكميّة ، فكلّ حاكم فبصفة الربوبيّة ، وكلّ مجيب وتابع فبالصفة الأخرى ، وقد عرّفتك مراتب ظهور هذه الأمور في الأشياء كيف تكون « 3 » ، ومتى تصحّ ، ومتى تمتنع ، وفي الشي ء الواحد أيضا بحسب شؤونه المختلفة والمحالّ والمراتب والمحالي المتباينة والمؤتلفة ، فتذكّر واكتف ، واللّه الهادي.
فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب
بموجب التقسيم الإلهي ، والتصرف النبوي ، وهو آخر أقسامها والخصيص بالعبد ، كما كان الأوّل خصيصا بالحقّ ، والمتوسّط مشتركا بين الطرفين.
قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ :
اعلم ، أنّ هذه الآية تشتمل على أمور تتعلّق بظاهرها ، وأمور تختصّ بما بعد الظاهر وفوقه ، ونحن نبدأ بالظاهر ، ثم نشرع فيما بعد. فنقول :
هذه الآية منتظمة من ثلاث كلمات : لفظة « اهدنا » ولفظة « الصراط » و[لفظة] « المستقيم » ، ولكلّ واحدة من هذه الثلاث ثلاث مراتب ظاهرة ، وثلاث مراتب باطنة ، سننبّه عليها كلّها - إن شاء اللّه تعالى - فتذكّر تثليث الفاتحة ، وافحص عن سرّه ، فإن أشهدته شاهدت العجب :
و« اهدنا » ، أمر في صورة دعاء وسؤال ، وهو مأخوذ من الهداية وهي : البيان ، وأصل هذه اللفظة بالياء « 4 » وانحذفت للأمر. وورودها بصيغة الجمع هو إرداف لما سلف في قوله :
نَعْبُدُ ونَسْتَعِينُ فكان « 5 » كلّ من العباد يترجم عن الجميع بلسان النسب الجامع
__________
(1). هذا جواب « لمّا » في أوّل البحث. ق : لهذا.
(2). ق : عائد.
(3). ه : يكون.
(4). أي : اهدي.
(5). ق : وكأنّ.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
247 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق