"ص : 32
والصورة : عبارة عمّا لا تعقل تلك الحقائق الأول ولا تظهر إلّا بها ، وهي - أعني الصورة - أيضا اسم مشترك يطلق على حقيقة كلّ شي ء - جوهرا كان أو عرضا ، أو ما كان - وعلى نفس النوع والشكل والتخطيط أيضا حتّى يقال لهيئة الاجتماع : صورة ، كصورة الصفّ والعسكر ، ويقال : صورة للنظام المستحفظ كالشريعة. ومعقوليّة الصورة في نفسها حقيقة مجرّدة كسائر الحقائق.
وإذا عرفت هذا في الصور المشهودة على الأنحاء المعهودة ، فاعرف مثله في المسمّى مظهرا إلهيّا فإنّ التعريف الذي أشرت إليه يعمّ كلّ ما لا تظهر الحقائق الغيبيّة من حيث هي غيب إلّا به.
وقد استبان لك من هذه القاعدة - إن تأمّلتها حقّ التأمّل - أنّ الظهور والاجتماع ، والإيجاد والإظهار والاقتران والتوقّف والمناسبة ، والتقدّم والتأخّر والهيئة ، والجوهريّة والعرضيّة والصوريّة ، وكون الشي ء مظهرا أو ظاهرا ، أو متبوعا أو تابعا ، ونحو ذلك كلّها معان مجرّدة ، ونسب معقولة. وبارتباط بعضها بالبعض وتألّفها بالوجود الواحد الذي ظهرت به لها كما قلنا يظهر للبعض على البعض تفاوت في الحيطة والتعلّق والحكم ، والتقدّم والتأخّر ، بحسب النسب المسمّاة فعلا وانفعالا ، وتأثيرا وتأثّرا ، وتبعيّة ومتبوعيّة ، وصفة وموصوفيّة ، ولزوميّة وملزوميّة ، ونحو ذلك ممّا ذكر. « 1 » ولكن وجود الجمع « 2 » وبقاؤه إنّما يحصل بسريان حكم الجمع الأحدي الوجودي الإلهي ، المظهر لها والظاهرة الحكم في « 3 » حضرته ، بسرّ أمره وإرادته.
تعذّر معرفة الحقائق المجرّدة
وبعد أن تقرّر هذا ، فاعلم أنّ معرفة حقائق الأشياء من حيث بساطتها وتجرّدها في الحضرة العلميّة الآتي حديثها متعذّرة ، وذلك لتعذّر إدراكنا شيئا من حيث أحديّتنا إذ لا تخلو من أحكام الكثرة أصلا. وأنّا »
لا نعلم شيئا من حيث حقائقنا المجرّدة ، ولا من حيث
__________
(1). ق : ذكرنا.
(2). ه : الجميع.
(3). ق : هي في.
(4). ق : فإنّا.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
32 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق