"ص : 50
تعريفه إذ من شرط المعرّف أن يكون أجلى من المعرّف وسابقا عليه ، وما ثمّة ما هو أجلى من العلم ولا سابق عليه إلّا غيب الذات ، الذي لا يحيط به علم أحد غير الحقّ.
وتقدّم نسبة الحياة عليه تقدم شرطي باعتبار المغايرة لا مطلقا ، ومع ذلك فلا يثبت تقدّمه إلّا بالعلم.
لم جاء التعريف أحيانا؟
فالمعرّف للعلم إمّا جاهل بسرّه ، وإمّا عارف يقصد التنبيه على مرتبته من حيث بعض صفاته ، لا التعريف التامّ له ، ولهذا التعريف التنبيهي سرّ وهو كون المعرّف العارف إنّما يعرّف بحكم من أحكام العلم وصفة من صفاته حكما آخر أو صفة أخرى من أحكام العلم أيضا وصفاته ، فيكون القدر الحاصل من المعرفة بالعلم إنّما حصل به لا بغيره فيكون الشي ء هو المعرّف نفسه ، ولكن لا من حيث أحديّته ، بل من حيث نسبه ، وهذا هو سرّ الأدلّة والتعريفات والتأثيرات كلّها على اختلاف مراتبها ومتعلّقاتها.
ومن هذا السرّ ينبه الفطن قبل تحقّقه بالمكاشفات الإلهيّة لسرّ قول المحقّقين : « لا يعرف اللّه إلّا اللّه » ولقولهم : « التجلّي في الأحديّة محال » مع اتّفاقهم على أحديّة الحقّ ودوام تجلّيه لمن شاء من عباده من غير تكرار التجلّي ، سواء كان المتجلّى له واحدا أو أكثر من واحد ، فافهم وتدبّر هذه الكلمات اليسيرة فإنّها مفاتيح لأمور كثيرة ، وأسرار كبيرة.
ما في الوجود من العلم
ثم نقول : فالظاهر من الموجودات ليس غير تعيّنات نسب العلم الذي هو النور المحض ، تخصص « 1 » وتخصّص بحسب حكم الأعيان الثابتة ، ثم انصبغت الأعيان بأحكام بعضها في البعض بحسب مراتبها التي هي الأسماء ، فظهرت به - أعني النور - وتعيّن بها وتعدّد.
فمتى حصل تجلّ ذاتي غيبي لأحد من الوجه الخاصّ يرفع أحكام الوسائط فإنّه يقهر - كما قلنا - بأحديّته أحكام الأصباغ العينيّة الكونية ، المسمّاة حجبا نوريّة إن كانت أحكام
__________
(1). ق : في تخصّص.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
50 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق