"ص : 51
الروحانيّات ، وحجبا ظلمانيّة إن كانت أحكام الموجودات الطبيعيّة والجسمانيّات ، فإذا قهرها هذا التجلّي المذكور ، وأظهر حكم الأحديّة المستجنّة في الكثرة اللازمة لذلك الموجود المتجلّى له على نحو ما مرّ ، اتّحدت أحكام الأحديّات المذكورة من قبل في الأصل الجامع لها ، وارتفعت موجبات التغاير بظهور حكم اتّحاد الأحكام المتفرّعة من الواحد الأحد ، كما سبقت الإشارة إليه فسقطت أحكام النسب التفصيليّة والاعتبارات الكونيّة بشروق شمس الأحديّة فإنّ العالم محصور في مرتبتي الخلق والأمر ، وعالم الخلق فرع وتابع لعالم الأمر ، وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ « 1 » ، فإذا ظهرت الغلبة الإلهيّة بحكم أحديّتها المذكورة ، فني من لم يكن له وجود حقيقي - وهي النسب الحادثة الإمكانيّة - وبقي من لم يزل وهو الحقّ ، فظهر حكم العلم الإلهي وخاصّيّته بالحال للأزلي « 2 » لم يتجدّد له أمر غير « 3 » ظهور إضافته إلى العين المتعيّنة فيه أزلا ، الموصوفة الآن بواسطة التجلّي النوري بالعلم لما تجدّد لها من إدراكها عينها وما شاء الحقّ أن يطلعها عليه في حضرة العلم اللدنّي بصفة وحدتها ونور موجودها « 4 » ، وما قبلت من تجلّيه الوجودي الذي ظهر به تعيّنها في العلم »
الأزلي.
ثم ليعلم أنّ لهذا العلم الذي هو نور الهويّة الإلهيّة حكمين أو قل : نسبتين - كيف شئت - :
نسبة ظاهرة ، ونسبة باطنة ، فالصور الوجوديّة المشهودة هي تفاصيل النسبة الظاهرة ، والنور المنبسط على الكون - المدرك في الحسّ ، المفيد تميّز « 6 » الصور بعضها من بعض - هو حكم النسبة الظاهرة من حيث كلّيّتها وأحديّتها.
وإنّما قلت : « حكم النسبة الظاهرة » من أجل أنّ النور من حيث تجرّده لا يدرك ظاهرا ، وهكذا حكم كلّ حقيقة بسيطة وإنّما يدرك النور بواسطة الألوان والسطوح القائمة بالصور ، وكذا سائر الحقائق المجرّدة لا تدرك ظاهرا إلّا في مادّة ، والنسبة الباطنة هي معنى النور ومعنى الوجود الظاهر وروحه الموضح للمعلومات المعنويّة والحقائق الغيبيّة « 7 » الكلّيّة ، التي
__________
(1). يوسف (12) الآية 21.
(2). ق : الأزلي.
(3). ق : عن.
(4). ق : موجدها.
(5). ق : العلمي.
(6). ق : تمييز.
(7). ق : العينية.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
51 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق