"ص : 58
فكمال العلم هو بظهور تفاصيله ونسبه ، والتفاصيل بحسب التعلّقات ، والتعلّقات على قدر المعلومات ، والمعلومات تتعيّن بحسب حيطة المراتب التي تعلّق بها العلم ، وبحسب ما حوت تلك المراتب من الحقائق فإنّ سائرها تابع للعلم من حيث أوّليّته وأحديّته وإحاطته وتعيّنها بالنسبة إلى كلّ عالم حسب قيوده المذكورة.
فإذا حصل التعلّق من تلك النسبة الوحدانيّة العلميّة بالمعلومات على نحو ما مرّ ، تبعه التفصيل إلى الغاية التي ينتهي إليها حكم تلك النسبة ، فإذا فصّل المدرك ذلك بحسب شهوده الوحداني ، وكسا العلم صورة التفصيل والظهور من الغيب إلى الشهادة ، حتى ينتهي إلى الغاية المحدودة له ، كان ذلك تكميلا منه لتلك النسبة العلمية بظهور حكمها وسراية أثرها بمتعلّقاتها وفيها ، وتكميلا لمرتبته أيضا ، من حيث مقام علمه وحكمه فيه ، وما يخصّه من الأمور التابعة لتعيّنه « 1 » .
فمتى تكلّم عارف بعلم ذوقي وأظهره ، وكان محقّقا صحيح المعرفة ، فلما ذكرنا من الموجبات وهكذا كلّ مظهر بالقصد والذات حكم حقيقة من الحقائق ، أو حاضر مع الحقّ تعالى من كونه محلّا ومجلى لظهور تلك الحقيقة ، دون سعي منه أو تعمّل ، ولكن كلّ ذلك بالإذن المعيّن ، أو إذن كلّي عامّ. وما ليس كذلك من العلوم والعلماء فليس بعلم حقيقي إلّا بنسبة بعيدة ضعيفة ، ولا يعدّ صاحبه عند أكابر المحقّقين عالما بالتفسير المذكور فإنّ صاحب العلم الحقيقي هو الذي يدرك حقائق الأشياء كما هي وعلى نحو ما يعلمها الحقّ بالتفصيل المشار إليه ، مع رعاية الفروق المنبّه عليها.
ومن سواه يسمّى عالما بمعنى أنّه عارف باصطلاح بعض الناس ، أو اعتقاداتهم ، أو صور المفهومات من أذواقهم ، أو ظنونهم ، ومشخّصات صور أذهانهم ، ونتائج تخيّلاتهم ونحو ذلك من أعراض العلم ولوازمه وأحكامه في القوابل. وما هو فيه هذا الشخص من الحال إنّما هو استعمال من المراتب الإلهيّة له ولأمثاله من المتكلّمين بالعلوم ، والمظهرين أحكام الحقائق والظاهرة بهم وفيهم.
فإن رقّاه الحقّ إلى مقام العلم الحقيقي فإنّه يعلم أنّ الذي كان يعتقد فيه أنّه علم محقّق
__________
(1). ق : لنفسه.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
58 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق