"ص : 59
كان وهما منه وظنّا ، سواء صادف الحقّ من بعض الوجوه وأصاب ، أو لم يصادف ، بل وجد ما كان عنده علما من قبل ظنّا فاسدا ، ويدرك حينئذ ما أدركه أمثاله من أهل هذا الذوق العزيز المنال حسب ما شاء الحقّ سبحانه أن يطلعه عليه.
و« 1 » إن لم تتداركه العناية الإلهيّة ، فإنّه لا يزال كذلك حتى ينتهي فيه الحكم المراد ، ويبلغ فيه « 2 » الغاية المقصودة للحقّ تعالى من حيث المرتبة المتحكّمة فيه ، وهو لا يعرف في الحقيقة حال نفسه ، ولا فيما ذا ولما ذا يستعمل ، وما غاية ما هو فيه ، وما حاصله ، أو حاصل بعضه على مقتضى مراد الحقّ تعالى ، لا ما هو في زعمه حسب ظنّه.
وهكذا حكم أكثر العالم وحالهم في أكثر ما هم فيه مع الحقّ سبحانه بالنسبة إلى باقي الحقائق أيضا غير العلم ، كما لوّحت بذلك في سرّ التجلّي فليس التفاوت إلّا بالعلم ولا يعلم سرّ العلم ما لم يشهد الأمر من حيث أحديّته في نور غيب الذات على النحو المشار إليه.
وإذا عرفت الحال في العلم ، فاعتبر مثله في جميع الحقائق ، فقد فتحت لك بابا لا يطرقه إلّا أهل العناية الكبرى والمكانة الزلفى.
فاعلم ، أنّ الفرق بين المحقّق المشار إليه وغيره هو خروج ما في قوّته إلى الفعل ، وعلمه بالأشياء علما محقّقا ، واطّلاعه على إثباتها ، بخلاف من عداه ، وإلّا فأسرار الحقّ مبثوثة ، وحكمها سار وظاهر في الموجودات ، ولكن بالمعرفة والاطّلاع والإحاطة والحضور يقع التفاوت بين الناس ، واللّه وليّ الإرشاد.
__________
(1). كذا في الأصل. الظاهر زيادة الواو.
(2). ق : به.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
59 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق