"ص : 91
قسم يختصّ به الحقّ ، وقسم ينفرد به الكون ، وقسم يقع فيه الاشتراك في المقام النفسي العمائي الذي هو السرّ الجامع المشار إليه.
فالمختصّ بالحقّ سبحانه أمور لا يشارك فيها ، وهي على نوعين : ثبوتيّة باعتبار ، وسلبيّة باعتبار ، فالثبوتيّة منها : إحاطته « 1 » الوجوديّة والعلميّة ، وتقدّم وجوده على كلّ متّصف بالوجود ، وأوّليّة الإرادة والطلب ، وقبوله في كلّ وقت وحال وموطن ومظهر ومرتبة كلّ حكم بحسب كلّ حاكم وما ذكر والجمع بين وجوب الوجود ووجوب الثبوت على الدوام.
والسلبيّة منها : كونه سبحانه لا يتقيّد ، ولا يتميّز ، ولا ينحصر ، ولا أوّليّة لوجوده ، ولا يحاط به ، فهذه الأمور يستحقّها بكلّ وجه وعلى كلّ حال ، فإنّها من مقتضيات ذاته ليس أنّ تلك الأمور لم تكن ذاته تقتضيها ، بل عرضت في مرتبة المظاهر الكونيّة وبالنسبة إليها ، وأضيفت إليه « 2 » بسببها إذ لو كان كذلك ، لعاد إلى الحقّ من الأعيان والحقائق به أو بها جمعا وفرادى ما لم تكن ذاته تقتضيه أزلا ، فيكون سبحانه قد تجدّد له من غيره أو بغيره قبول حكم أو وصف ، وثبت « 3 » ذلك له بثبوت الغير لكن لو فرض زوال ذلك الغير لزال ذلك الأمر « 4 » لأنّ ذاته لم تكن تقتضيه بدون هذا الغير ، وهذا لا يصحّ لأنّه يلزم منه قيام الحوادث بذات الحقّ وقبوله للتغيّر « 5 » ، وأن يعاد فيحكم على الثابت نفيه بأنّه واجب الثبوت أو ممكنه ، وهذا من باب قلب الحقائق ، وأنّه محال.
غير أنّ هنا سرّا دقيقا فيه - لعمر اللّه - تحقيق »
، وهو أنّ هذه الصفات بأسرها وسواها لا تعلم « 7 » ولا يظهر ثبوتها وتعيّنها إلّا في العماء الذي هو البرزخ المذكور ، الفاصل بين الغيب المطلق الذاتي والشهادة ، كما ستعرفه - إن شاء اللّه تعالى - فالثابت الآن للحقّ في كلّ شأن - كائنا ما كان - هو ما اقتضته ذاته أزلا ، وكذلك الثابت لغيره من حيث حقيقته ، والثابت نفيه أيضا عنه وعن سواه ، فالمتجدّد إنّما هو ظهور تعيّن تلك الأمور ومعرفتها للأعيان وبها ،
__________
(1). ق : إحاطية.
(2). في بعض النسخ : إليها.
(3). يثبت. [.....]
(4). ب : الأمور.
(5). ب : للتغيير.
(6). ق : تحقين.
(7). ب : لم يعلم.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
91 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق