"ص : 177
فاعلم ذلك. ثم نرجع إلى ما كنّا بسبيله ، فنقول :
وهكذا الأمر في جهنّم فإنّ المؤمن لا تؤثّر النار في باطنه ، والمنافق لا يعذّب في الدرك الأعلى المتعلّق بالظاهر ، بل في الدرك الأسفل المختصّ بالباطن ، والمشرك يعذّب في الدرك الأعلى والأسفل ، في مقابلة السعيد التامّ السعادة.
وهنا أمور لا يمكن ذكرها يعرفها اللبيب ممّا سبقت الإشارة إليه من قبل. ولهذه الأقسام تفاصيل وأحكام يفضي ذكرها إلى بسط كثير ، فأضربت عن ذكرها لذلك ، واقتصرت على هذا القدر ، وسأذكر عند الكلام على قوله : أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ « 1 » ما يبقى من جمل أسرار هذا المقام حسب ما تستدعيه الآية ويقدّره « 2 » الحقّ - إن شاء اللّه تعالى - ثم لتعلم « 3 » أنّ التخصيص الذي هو حكم الاسم « الرّحيم » على نوعين تابعين للقبضتين كما مرّ بيانه :
أحدهما : تخصيص أسباب النعيم لأهل السعادة برفع الشوائب ، كما أخبر به الحقّ بقوله :
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ « 4 » ، فإنّ الدنيا دار جمع ومزج ، فهي للمؤمنين في الدنيا ممزوجة بالأنكاد والأحكام الموطنيّة ، وهي لهم في الآخرة خالصة.
فالاسم « الرّحيم » هو المصفّي أسباب النعيم وسوابغ الإحسان عن شوائب الأكدار والأنكاد.
والنوع الآخر من التخصيص هو مطلق تمييز السعداء من الأشقياء و « 5 » التخليص من حكم التشابه الحاصل في الدنيا ، بسبب عموم حكم الاسم « الرّحمن » وما للأشقياء في الدنيا من النعيم والراحة ونحوهما من أحكام الرحمة ، وبضدّ ذلك لسعداء المؤمنين من الآلام والأنكاد.
وأيضا فالرحمن عامّ المعنى ، خاصّ اللفظ ، والرحيم عام اللفظ ، خاصّ المعنى ، على
__________
(1). الفاتحة (1) الآية 7.
(2). في بعض النسخ : يقدّر.
(3). ق : ليعلم.
(4). الأعراف (7) الآية 32.
(5). ق : لم يرد.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
177 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق