"ص : 179
على الإرادة ، مع ثبوت تبعيّتها لهما وتأخّر مرتبتهما عن مرتبتهما ، ولا يصحّ ذلك ، فالإرادة ، في التحقيق تعلّق خاصّ للذات ، يتعيّن بالعلم وتظهر التخصيصات الثابتة في العلم ، لا أنّها تخصيص ما لم يثبت تخصيصه في العلم ، والعلم من كونه علما تعلق خاصّ من الذات ، يتعيّن حكمه في المعلوم والمراد بحسبهما ، فمعقوليّة القبول من الممكن لنسبة الترجيح الإيجادي ولوازمه تعيّن الحكم العلمي المعيّن لنسبة الإرادة والاختيار وأحكامهما « 1 » ، فافهم.
ولهذا المقام أسرار يحظى بها الأمناء ، الذين رقوا بقدمي الصدق والعناية إلى ذروته ، فإن كنت من أهل الهمم العالية والاستعدادات التامّة ، فتوجّه إلى الحقّ في أن يطلعك على مخزن هذه الأسرار ، وينبوع هذه الأنوار ، فإن منحت الإجابة فارق وانظر وتنزّه ولا تنطق اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ « 2 » .
قوله تعالى : مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
يتضمّن عدّة مسائل : إحداها سرّ الملك ، وسرّ « 3 » اليوم « 4 » ، وسرّ الدين ، من كونه يدلّ على العبادة « 5 » ، وعلى الجزاء ، وعلى الانقياد وعلى غير ذلك ممّا ننبّه عليه - إن شاء اللّه تعالى - فلنبدأ أوّلا - بعون اللّه - بالكلام على هذه الأمور من حيث الانفراد ، ثم من حيث الجمع كما فعلت ذلك فيما مرّ ، فنقول :
سرّ الملك
الملك : القوّة والشدّة ، ويطلق على القدرة أيضا ، والتصرّف. وملك الطريق في اللغة :
وسطه ، وملك الدابّة - بضم الميم واللام - : قوائمها وهاديها أيضا. والملكوت مبالغة لكونه يشمل الظاهر والباطن.
وهذه المعاني التي تتضمّنها هذه الكلمة كلّها صادقة في حقّ الحقّ سبحانه وتعالى فإنّ الحقّ ذو القوّة المتين ، والهادي القيّوم ، والقادر على كلّ شي ء ، والفاعل ما يشاء ، ومن بيده ملكوت كلّ شي ء. وفي الملكوت سرّ لطيف ، وهو أنّه مبالغة في الملك ، والملك يتعلّق
__________
(1). ق : أحكامها.
(2). الشورى (42) الآية 19.
(3). لا توجد.
(4). لا توجد.
(5). ق : العادة.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
179 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق