"ص : 240
عندي قوّة على تحصيل مطالبي ، لكنّي غير متيقّن « 1 » ولا جازم أنّها وافية بتحصيل الغرض ، فلا مندوحة عن معاونة منك لما عندي من التمكّن لأنّ المعونة منك إذا اتّحدت بما عندي من القوّة ، رجوت الفوز بالبغية « 2 » ، والوفاء بحقّ العبادة ، وإنّي شاكرك على ما منحتني من القوّة ، وجدت بها عليّ ابتداء دون سؤال منّي ، وبها تمكّنت من طلب العون منك ، رجاء القيام بحقّك ، والانفراد لك دون تردّد فيك ، و « 3 » تعرّض إلى غيرك. هذا لسان مرتبة العبد.
وأمّا لسان الربوبيّة المستبطنة في ذلك من كون الحقّ أنزل هذا على عباده ، وأمرهم بعبادته على هذا الوجه ، فهو أنّه سبحانه لمّا علم أنّ القلوب وإن كانت مفطورة على معرفته والعبادة له واللجأ إليه ، فإنّ الشواغل والغفلات التي هي من خصائص هذه النشأة تذهل الإنسان في بعض الأوقات عن تذكّر ما يجب تذكّره واستحضاره ، فاحتاج إلى التذكير وتعيين ما الأولى له الدؤوب عليه لأنّ ما لا يتعيّن لا يثمر ولا يؤثّر ، لا جرم أمره تعالى أن يقول بعد تقديم الثناء عليه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تذكيرا له أنّ الذي تجده من العلم والقوّة وغيرهما ، لا تظنّنّ أنّك فيه مستقلّ ، أو لك بشي ء من الكمالات اختصاص ، بل ذلك كلّه منّي ولي ،
كما قال الكامل المكمّل صلّى اللّه عليه وآله : « إنّما نحن به وله »
، فالمرتبة الربانيّة تعرّف العبد بتعذّر الاستقلال في الطرفين ، وهذا من غاية العدل حيث ينبّهك الحقّ ذو الجود والفضل والإحسان والنعم التي لا تحصى ، على ما لك من المدخل في تكميل صورة إحسانه ، ويعتدّ لك بذلك ، ويعتبره ولا يهمله كما قال سبحانه معرّفا منبّها : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها « 4 » وهذا من التضعيف ، ثم قال وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً « 5 » ، فافهم ، ترشد ، - إن شاء اللّه تعالى -
__________
(1). ق : مستغن. [.....]
(2). ق : بالغيبة.
(3). ق ، ه : أو.
(4). النساء (4) الآية 40.
(5). النساء (4) الآية 40.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
240 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق