"ص : 259
القلمي ، وتقدّم القلم على اللوح ، وتقدّم الكلمة والحكم والأمر العرشي الوحدانيّ الوصف ، على الأمر التفصيلي الأوّل الصوري الظاهر بحكم القدمين في الكرسي.
ثم انظر انتهاء الأمر بالترتيب - المعلوم في العموم ، والمدرك في الخصوص - إلى آدم الذي هو آخر صورة السلسلة وأوّل معناها ، واجتماع الذرّيّة واندماجها في صورة وحدته كالذرّ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً « 1 » فبرزوا بعد الكمون والاندماج في الغيب الإضافي الآدمي الجملي ، بإبانة الحقّ سبحانه لهم وبثّه إيّاهم ، حتى شهد كلّ منهم من نفسه وغيره ما كان عنه « 2 » الاندماج محجوبا ، واتّصلت أحكام بعضهم بالبعض بالإبرام والنقض غالبا ومغلوبا ، فافهم وأمعن التأمّل فيما لوّحت به ، تعرف أنّ الهدى في الحقيقة عين الإبانة والإظهار بالتمييز والتعيين.
فللوحدة والإجمال وما نعت آنفا بالتقدّم : البطون ، وللكثرة : الظهور والإبانة والفصل والإفصاح ، ولمّا قدّر الإنسان على الصورة ، وظهر نسخة وظلّا ، جاءت نسخته على صورة الأصول التابعة لأصله ، لا جرم كانت ضلالته متقدّمة على هدايته كما أخبر سبحانه عن أكمل النسخ وأتمّ الناس تحقّقا وظهورا بالكمال الإلهي والإنساني ، بقوله : وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى « 3 » أي كنت بحال من لم يتعيّن له وجه الصواب والأولويّة في ما ذا ، فعيّنه لك وميّزه « 4 » وعلّمك ما لم تكن تعلم فكملت في مرتبة الهداية وغيرها ، وامتلأت حتى فضت ، فهديت وكمّلت ، وانبسط منك الفيض على غيرك ، فتعدّى بك خيري إلى الكون ، وبي خيرك ، فسبحان الذي خلق الإنسان وهداه النجدين ، ثم اختار له الصراط السويّ الاعتدالي ، وعلّمه ما لم يكن يعلم وكان فضل اللّه عليه عظيما.
فالجواذب - يا أخي - من كلّ ناحية وطرف تجذب ، والدعاة بلسان المحبّة - من حيث إنّ الإنسان معشوق الكل ، و « 5 » حيث حكم الربوبيّة الذي انصبغ به الجميع - يدعون ، والدواعي بحسب الجواذب والمناسبات للإجابة والانجذاب تنبعث ، وأنت عبد ما أحببت
__________
(1). النساء (4) الآية 1.
(2). كذا في الأصل. والصحيح : عند.
(3). الضحى (93) الآية 7.
(4). ه : ميّزه من غيره.
(5). ق : ومن حيث.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
259 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق