"ص : 175
اقتضى الأمر الإلهي أن يكون في عباد اللّه من هو مظهر هذا الحكم الكلّي والتفصيلي المختصّين بالرحمة ، فكان ذلك العبد صاحب السجلّات ، الذي وردت قصّته في الحديث ، وكانت بطاقته الحاملة سرّ أحديّة الجمع هي التي فيها لا إله إلّا اللّه ، ولها الأوّلية والجمعيّة والأحديّة ، فغلبت لذلك أحكام الأسماء كلّها.
وفي التحقيق الأتمّ أنّ الرحمة لمّا كانت سارية الحكم في مراتب الأسماء ، بنسبة التفصيل والكثرة في « 1 » مرتبة « 2 » جمعيّتها وأوّليّتها بأحديّة الجمع ، كانت الغلبة والمغلوبيّة حكمين راجعين إليها ، فهي - من حيث أحديّتها وجمعيّتها للنسب التفصليّة - غالبة ، وهي بعينها - من حيث تفاريعها ونسبها الجزئيّة المتعيّنة في مرتبة كلّ اسم بحسبه - مغلوبة ، فهي الغالبة المغلوبة ، والحاكمة المحكومة ، وهكذا سرّ الحكم في المظهر المشار إليه فإنّ التسعة والتسعين سجلّا هي نسخ حاملة ما قبح من أفعال ذلك العبد ، والبطاقة المتضمّنة لا إله إلّا اللّه هي نسخة ما حسن من فعله ، فغلب الفعل الحسن المضاف إليه تلك الأفعال السيّئة « 3 » ، فهو من حيث فعله الحسن غالب ، ومن حيث فعله القبيح مغلوب.
ومن ارتقى فوق هذا المقام ، رأى أنّ الفعل بالفاعل غلب نفسه ، فإن كمل ذوق المرتقي في هذا المقام ، رأى أنّ جميع « 4 » الصفات والأفعال المنسوبة إلى الكون صادرة من الحقّ وعائدة إليه ولكن بالممكنات ، وهي شروط فحسب كالموادّ الغذائيّة الحاملة للمعاني التي بها يحصل التغذّي ، فيصل المطلوب بها إلى الطالب ويتّحد به مع عدم المغايرة ، وتنفصل هي من البين ، فيرتفع البين ، فافهم. وقد بقيت تتمّة تختصّ بالاسم « الرّحمن الرّحيم » « 5 » نذكرها ونختم الكلام بها عليهما إن شاء اللّه « 6 » ، فنقول :
حضرات الرحمة
اعلم ، أنّ الحضرات الكلّيّة المختصّة بالرحمة ثلاث : حضرة الظهور ، وحضرة البطون ، وحضرة الجمع. وقد سبق التنبيه عليها في شرح مراتب التمييز ، وفي مواضع أخر أيضا.
__________
(1). ه : وفي. [.....]
(2). ب : مرتبة و.
(3). ق : السببية.
(4). ب : سائر.
(5). ق : والرحيم.
(6). ب : اللّه تعالى.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
175 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق