"ص : 257
طريقا جامعا بين الإفصاح والإشارة ، وبسنّته نقتدي ، وباللّه نهتدي ، فاكتف بالتلويح فإنّ التفصيل يطول.
وجملة الحال فيما أصّلنا أوّلا أنّ الإنسان لمّا كان نسخة من جميع العالم ، كانت له مع كلّ عالم ومرتبة وأمر وحال ، بل مع كلّ شي ء نسبة ثابتة لا جرم فيه ما يقتضي الانجذاب من نقطة وسطه الذي هو أحسن تقويم ، إلى كلّ طرف ، والإجابة لكلّ داع.
وليس كلّ جذب وانجذاب وإجابة ودعاء بمفيد ولا مثمر للسعادة. هذا وإن كان الحقّ - كما بيّنّا - غاية الجميع ومنتهاه ومعه ومبتغاه ، وإنّما المقصود إجابة وسير وانجذاب خاصّ إلى معدن السعادات ، و « 1 » إلى ما يثمر سعادة مرضيّة ملائمة خالصة غير ممتزجة ، مؤبّدة لا موقّتة ، فما لم يتعيّن للإنسان من بين الجهات المعنويّة وغير المعنويّة الجهة التي هي المظنّة لنيل ما يبتغي ، أو المتكفّلة بحصوله ، ومن الطرق الموصلة إلى تلك الجهة ، و « 2 » ذلك الأمر أسدّها وأقربها وأسلمها من الشواغب والعوائق ، فإنّه - بعد وجدان الباعث الكلّي إلى الطلب أو مسيس الحاجة إلى دفع ما يضرّ وجلب ما ينفع ، أو ما هو الأنفع ظاهرا وباطنا أو عاجلا وآجلا - لا يعلم كيف طلب ، ولا ما يقصد على التعيين؟ ولا كيف يقصده؟ ولا بأيّ طريق يحصّله؟ فيكون ضالًّا حائرا حتى يتعيّن له الأمر والحال ، ويتّضح له وجه الصواب بالنسبة إلى الوقت الحاضر والمآل ، فافهم وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ « 3 » .
__________
(1). ق : أو.
(2). ه : أو.
(3). الأحزاب (33) الآية 4.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
257 إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن الصفحة
التصنيف:
# إعجاز البيان فى تفسير أم القرآن
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق